٤٤ ـ (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ ...) أي سماع تفهّم (أَوْ يَعْقِلُونَ) يتدبّرون ما تأتي به من الحجج ، (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) ما هم إلّا مثل البهائم في عدم تفهّم وتدبّر حججك (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) من الأنعام لأن الأنعام ألهمت منافعها ومضارها فهي لا تفعل ما يضرها بخلافهم هم إذ مكنوا من المعرفة فلم ينتفعوا.
٤٥ و ٤٦ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ...) أي ألم تنظر إلى صنعه سبحانه كيف بسط ظلال الأشياء من الفجر إلى طلوع الشمس. فالظل نسخته الشمس وهو بالغداة. (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) أي ثابتا مقيما ، (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) قال ابن عباس تدل الشمس على الظلّ بمعنى أنّه لو لا الشمس لما عرف الظل. وقيل لا يعرف وجوده ولا يتفاوت طوله وقصره إلّا بطلوعها وحركتها. (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) أي أزلنا الظل بإيقاع الشعاع موقعه .. (قَبْضاً يَسِيراً) قليلا قليلا أي لا دفعة.
٤٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً ...) أي ساترا بظلامه كاللّباس ، (وَالنَّوْمَ سُباتاً) راحة للأبدان بقطع الأعمال (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) فلمّا كان النوم بمنزلة الموت عبّر بذلك ونسب النّشور إلى النهار. أي جعل النهار ذا نشور ينتشر فيه الناس للمعاش وغيره من حوائجهم التي لا تحصل في غير النهار إلّا بتعب كثير.
٤٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً ...) إلخ. أي مبشّرات قدام المطر. وقد مر في سورة الأعراف. (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) أي الطاهر في نفسه المطهر لغيره.
٤٩ ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ...) هو محيي البلاد به بالنباتات والنّعم الأخرى وأراد بالبلدة المكان. (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) أي ولنسقي من ذلك الماء أنعاما جمّة وأناسا كثيرين.
٥٠ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ ...) أي فرّقنا المطر بين الناس في البلدان والأوقات المختلفة (لِيَذَّكَّرُوا) ليتفكّروا كمال القدرة فيعرفوا ربّهم فيعبدوه ، ويشكروه. (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) جحودا لنعمه سبحانه وإنكارا لقدرته.
٥١ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً ...) إلخ. أي نبيّا يخوّف أهلها ولكنا لم نفعل وكنت أنت وحدك المبعوث للعالمين.
٥٢ ـ (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ ...) فيما يدعونك إليه من المداهنة والاستجابة لأهوائهم بل خالفهم. (وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً) أي لا بد لك من الاجتهاد في مخالفتهم وإزاحة باطلهم بالقرآن.
٥٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ...) أي خلّاهما وأرسلهما في مجاريهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان ، (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) أي أحدهما طيب شديد الطيب (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) شديد الملوحة (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) حاجزا بقدرته تعالى يمنعهما من الاختلاط (وَحِجْراً مَحْجُوراً) أي جعل بينهما حدّا محدودا.
٥٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً ...) أي الماء الذي خمّر به طينة آدم (ع) ، أو المراد النطفة (فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أي قسمين : ذوي نسب ذكورا ، لأن نسبة النسب تتحقّق به وذوات صهر إناثا يصاهر بهنّ فتوجد المصاهرة (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) على أيّ شيء أراد.
٥٥ ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ ... وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً ...) أي معينا للشيطان على معصية الله لأنه يتابعه بكلّ ما يأمر به.