٤٦ ـ (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ
الدُّنْيا ...) المال والبنون ممّا يتزيّن به في الحياة ولا ينتفع بهما في
الآخرة. (وَ) لكن (الْباقِياتُ
الصَّالِحاتُ) من أعمال الخير والطاعات (خَيْرٌ عِنْدَ
رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) أي أفضل ثوابا وأصدق أملا من سائر زينة الدنيا. وقيل إن
الباقيات الصالحات هي الولاية ، وقيل هي التسبيحات الأربع وقيل الولد الصالح
والكتاب النافع وغيرها.
٤٧ ـ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ ...) أي نقلعها قلعا من أماكنها يوم القيامة (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) ظاهرة من تحت الجبال ليس عليها ما يسترها (وَحَشَرْناهُمْ) جمعناهم إلى الموقف (فَلَمْ نُغادِرْ
مِنْهُمْ أَحَداً) أي لم نترك أحدا إلا حشرناه.
٤٨ ـ (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ ...) أي وقفوا للحساب بين يديه سبحانه (صَفًّا) مصفوفين ، (لَقَدْ جِئْتُمُونا
كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي أحضرناكم على الحالة التي أوجدناكم فيها حين خلقكم عراة
ليس معكم من الأموال والأولاد شيء (بَلْ زَعَمْتُمْ
أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) أي : أيها المنكرون للبعث ليس الأمر كما تزعمون من أنّا لن
نجعل لكم وقتا للبعث والحساب.
٤٩ ـ (وَوُضِعَ الْكِتابُ) أي جنسه من صحائف الأعمال لبني آدم في الأيمان والشمائل (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ) إلخ أي خائفين مما فيه من الذّنوب (وَيَقُولُونَ : يا وَيْلَتَنا) هذه لفظة يقولها الإنسان إذا وقع في شدّة وهمّ فيدعو على
نفسه بالويل (ما لِهذَا الْكِتابِ) أي شيء لهذا الكتاب (لا يُغادِرُ
صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) أي لا يترك الصغيرة ولا الكبيرة من السيئات والذنوب إلا
عدّها واثبتها وفي هذا التعبير دلالة على مدى إحاطة علمه سبحانه (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) مكتوبا في صحيفة العمل (وَلا يَظْلِمُ
رَبُّكَ أَحَداً) لا ينقص من ثواب أحد ولا يزيد في عقاب مسيء.
٥٠ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ ...) إلخ لقد مر تفسيره فيما تقدم في سورة البقرة وذكر هذه
القصّة تقريرا للتّشنيع على أهل الكبر من المنكرين للبعث وغيرهم من العصاة بأنّ
ذلك من سنن إبليس وقيل : كرره تعالى في مواضع لكونه مقدمة للأمور المقصود بيانها
في تلك الحال ، وهكذا كل تكرار في القرآن. (أَوْلِياءَ) أي محبوبين (بِئْسَ
لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) بئس بدل الظالمين بدلا عن الله تعالى من الشيطان وذرّيته.
٥١ ـ (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ ...) إلخ أي الشيطان وذرّيته ما أحضرتهم حين خلق السماوات
والأرض اعتضادا بهم (وَما كُنْتُ
مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) أي عونا.
٥٢ ـ (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ ...) إلخ يقول الله تعالى يوم القيامة لعبدة الأصنام نادوا
شركائي الذين زعمتم في الدنيا أنهم كذلك فلينصرونكم دوني. وإضافة الشركاء إليه
تعالى على زعمهم إنما هو من باب التوبيخ لهم والاستهزاء بهم. (فَدَعَوْهُمْ) فنادوهم للإعانة (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا
لَهُمْ) فلم يلبّوا النداء (وَجَعَلْنا
بَيْنَهُمْ) أي بين الكفار وآلهتهم (مَوْبِقاً) حاجزا بين الكفار ومعبوديهم. من الملائكة والمسيح وعزير ،
فندخل الكفرة في النار بينما ندخل هذين المعبودين الجنة ، كما فسّر الموبق بالمهلك
، وهو على ما قيل : دار في الجحيم ينزلها العبدة وآلهتهم حيث يشتركون في العذاب.
٥٣ ـ (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا
أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ...) أي أيقنوا الدّخول فيها (مَصْرِفاً) أي موضع فرار.