يُؤْمِنُونَ
بِاللهِ) أي تخلّيت عن مذهب الكافرين الذين لا يصدّقون بوجود الله
ولذلك خصّني الله بلطفه (وَ) الذين (هُمْ بِالْآخِرَةِ
هُمْ كافِرُونَ) أي عبدة الأصنام والأوثان.
٣٨ ـ (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي
إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ...) أي : لحقت بشريعة آبائي الذين هم أنبياء الله ورسله للناس
، وأنا على نهجهم القويم نعبد الله وحده و (ما كانَ لَنا أَنْ
نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ) فنعبد معه غيره من الأصنام أو غيرها (ذلِكَ) أي ما أشرت إليه من التوحيد والتوفيق لنا معاشر الأنبياء (مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا) ونعمه التي أنعمها علينا (وَعَلَى النَّاسِ) أي بإرسالنا لهدايتهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ) من الكافرين بنعم ربهم والمشركين معه غيره (لا يَشْكُرُونَ) ربهم أي لا يحمدونه ولا يعترفون بفضله ونعمته.
٣٩ ـ (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ ...) أي نادى يوسف السائلين قائلا يا ملازمي السجن ونزيليه (أَأَرْبابٌ) أي آلهة (مُتَفَرِّقُونَ) مختلفون من حجر وخشب وغيرهما لا تضر ولا تنفع ولا تعقل ولا
تبصر ولا تسمع (خَيْرٌ) لعبّادها (أَمِ اللهُ الْواحِدُ
الْقَهَّارُ) أي الرب الفرد الصّمد الذي يسمع ويرى ومالك لكل شيء في
الوجود وبيده النفع والضر والموت والحياة.
٤٠ ـ (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا
أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ
سُلْطانٍ ...) أي أن الآلهة التي تحصرون عبادتكم بها وأطلقتم عليها أسماء
تعني الأرباب والآلهة ما هي إلا أسماء فارغة بلا مسميّات دعوتموها كذلك أنتم
وآباؤكم لم ينزل الله من حجة تسوّغ عبادتها ولا هي تستحق العبادة. (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وقد (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
إِيَّاهُ) أمر بعبادته وحده ونهى عن الشّرك به. (ذلِكَ) أي ما أشار إليه ، هو (الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي طريقة العبادة ذات القيمة العظيمة (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ) بل يجهلون هذه الحقيقة ويضلّون عنها.
٤١ ـ (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ ...) أي يا رفيقي الحبس (أَمَّا أَحَدُكُما) وهو ساقي الملك وصاحب شرابه (فَيَسْقِي رَبَّهُ
خَمْراً) أي يقدّمه لسيّده يشربه وهذه بشارة له بنجاته (وَأَمَّا الْآخَرُ) أي صاحب رؤيا الخبز (فَيُصْلَبُ
فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ) أي يحكم بالإعدام صلبا فتتغذّى الطيور الجارحة من لحمه
ورأسه أثناء بقائه مصلوبا (قُضِيَ الْأَمْرُ
الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ) أي انتهى تعبير رؤياكما وما سألتما عنه.
٤٢ ـ (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ
مِنْهُمَا ...) ظنّ هنا بمعنى : علم فقد قال للذي تأكد نجاته : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) أي ائت على ذكري عند سيدك وأنني حبست ظلما (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) أي أنسى الشيطان يوسف ذكر الله في تلك الحال حتى استغاث
بمخلوق فالتمس من الساقي أن يذكره عند سيّده فلذلك لبث في السجن بضع سنين روي أنه
بقي سبع سنين بعد خمس سنين سبقتها لأن العرب تطلق لفظ البضع على السبع. وقالوا :
بل الضمير في أنساه ، يرجع إلى الساقي الذي سها عن ذكر يوسف ونسيه سبع سنين.
٤٣ ـ (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ
بَقَراتٍ سِمانٍ ...) أي قال (الرّيان) ملك مصر : إني رأيت فيما يرى النائم أن
سبع بقرات سمان. (يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ) أي سبع بقرات (عِجافٌ) أي هزيلات ضعيفات. وقد رأى أن الضعيفات ابتلعت السمان (وَ) رأيت أيضا (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ
خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ) أي هذه كانت جافّة ، وتلك كانت خضراء يانعة. (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) أي يا أيها العلية من الناس (أَفْتُونِي) يعني أعطوني الفتيا والحكم (فِي) تعبير (رُءْيايَ) ما رأيته في منامي (إِنْ كُنْتُمْ
لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) أي إن كنتم عالمين بتفسيرها وتأويلها.