٤٤ ـ (قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ ...) أي مجموعة منامات مختلطة لا يتميّز بعضها من بعض. وقد شبّهوا أحلام الملك بالأضغاث لاختلاطها وتعسّر تمييزها ، وقيل المعنى : أباطيل أحلام. (وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ) التي هي على هذا الشكل المختلط (بِعالِمِينَ) ولسنا بمعبّرين للأباطيل أيها الملك.
٤٥ ـ (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ...) أي قال للناس ، ذلك الساقي الذي نجا من السجن وخلص من الموت ، من ذينك السّجينين ، وتذكر بعد مدة طويلة ما أوصاه به يوسف من قوله اذكرني عند ربك (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ) أخبركم (بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) أي ابعثوني إلى من يعلم تأويل الرؤيا ...
٤٦ ـ (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ...) أي أرسل الساقي إلى السجن وخاطب يوسف (ع) قائلا : يا يوسف أيها الكثير الصدق فيما تخبر به (أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ) أي دلّني على تفسير ذلك (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ) يعني : عسى أن أعود إلى الملك وحاشيته ومن في مجلسه (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) يعرفون تأويله الحقيقي ، ويعرفون فضلك ومكانتك ومكانك في السجن فيطلقوك.
٤٧ ـ (قالَ : تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً ...) أي أجابه يوسف : إنكم تزرعون كدأبكم وعادتكم سبع سنين متوالية يصادفها الخصب والنّماء (فَما حَصَدْتُمْ) أي جنيتم من تلك الزّروع (فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ) اتركوه في قشّه كما تحصدونه من دون ذري ولا دوس. (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) أي ما يلزمكم للأكل في كل سنة فدوسوه واستخرجوا حبّه من قشه ...
٤٨ ـ (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ ...) أي أنه يجيئكم بعد السنوات السبع المخصبة ، سبع سنوات مجدبة لا زرع فيها ولا ضرع ، وهذه السنوات القواحط (يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ) أي تأكلون فيهن ما ادّخرتم لهن وخبأتموه من المواسم الماضية. (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ) أي تحفظونه للبذر والزراعة.
٤٩ ـ (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ ...) أي بعد ذلك الجدب الذي يستمرّ سبع سنين ، يجيء عام بركة وخصب يمطر فيه الناس لأن الغيث هو المطر وقيل من الغوث أي ينقذون من الجدب. (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) أي يستخرجون الخير مما يعصر كالزيتون والعنب والتمر وغيرها.
٥٠ ـ (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ...) أي جيئوني به حتى أسمع منه وذلك بعد رجوع الساقي وإخباره بتأويل يوسف لرؤياه. (فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) أي لما أتى رسول الملك إلى يوسف يستدعيه إليه. ف (قالَ) يوسف للرسول : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) أي إلى سيّدك (فَسْئَلْهُ) واستفهم منه (ما بالُ النِّسْوَةِ) أي ما حال تلك النساء (اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) وجرحنها بالسكاكين حين خرج عليهن يوسف بأمر من امرأة العزيز. (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) أي ٥١ ـ (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ...) هذا يعني أن الرسول أبلغ الملك قول يوسف ، فجمع الملك النساء وسألهنّ : ما شأنكنّ حين دعوتنّ يوسف إلى أنفسكن (قُلْنَ) للملك : (حاشَ لِلَّهِ) هذه كلمة تنزيه أي نزّهن يوسف مما اتهم به فقلن معاذ الله ممّا نسب إليه و (ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) أي ما عرفنا له ذنبا ولا خيانة. (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) زليخا نفسها (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ) أي ظهر وثبت (أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) وأعترف بذلك (وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) في قوله السابق للعزيز هي راودتني عن نفسي ...
٥٢ ـ (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ...) هذا من كلام يوسف أي ذلك الذي فعلته من رد رسول الملك إليه بشأن النسوة كان ليعرف الملك أو العزيز أنني أحفظ غيبته ، وأني أمين في الغيب والحضور (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) أي لا يهديهم بكيدهم ولا يجعله نافذا ولا يسدّدهم فيه. وقيل إن هذا من كلام امرأة العزيز.