٨٩ ـ (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي ...) أي يا أهل عشيرتي إن خلافي ونزاعي لا يمنع (أَنْ يُصِيبَكُمْ) يحلّ عليكم العذاب العاجل (مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) إذ هلكوا بالغرق (أَوْ قَوْمَ هُودٍ) إذ أهلكوا بالريح العقيم (أَوْ قَوْمَ صالِحٍ) الهالكين بالرجفة (وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) أي أنهم أقرب ما يكون إليكم في الزمان والمكان فاتّعظوا بهم. وقيل : كانت الفاصلة الزمانية بين القومين أقل من ثلاثة قرون ، وقد كان لوط معاصرا لإبراهيم (ع) ، وشعيب معاصرا لموسى (ع). وقيل : أريد به نفي البعد المكاني والإشارة إلى أن بلادهم الخربة قريبة منكم لقرب مدين من سدوم وهو بالأرض المقدسة.
٩٠ ـ (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ...) مر معناه (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) فهو لطيف بعباده شفيق عليهم محبّ لهم ومريد لمنافعهم.
٩١ ـ (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ ...) أي قال قوم شعيب له : لسنا نفهم أكثر ما تقوله من وعظك وإرشادك ونحن نسمعه ولا نعيه. (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) هزيل البدن ضعيف القوة. (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) أي لولا عشيرتك وأقاربك لقتلناك رميا بالحجارة وقيل : إن الرهط من الثلاثة إلى السبعة أو العشرة ، وعلى ذلك نفي قولهم : رهطك ، إشارة إلى قلتهم وهوان أمرهم. (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) ولست ممتنعا منّا بقوّة تحميك.
٩٢ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ ...) قال شعيب لقومه : أعشيرتي أعظم حرمة عندكم من الله ، (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) أي جعلتم الله تعالى (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) وراء ظهوركم ونسيتم ذكره ولم تعتنوا به.؟ (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) أي عالم بجميع أعمالكم لا يفوته شيء منها. وفي الآية طعن في رأيهم بالسفه كما طعنوا في الآية السابقة في رأيه بالهوان.
٩٣ ـ (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ ...) أي : اعملوا بحسب الحالة التي أنتم عليها من الكفر يعني ابقوا (إِنِّي عامِلٌ) بما أمرني به ربّي ، (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ستعرفون (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) يفضحه ويهينه وسيتضح لكم الصادق من الكاذب منّا. (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) انتظروا ما أعدكم به من عذاب ربّي وأنا انتظر ذلك معكم. وقد استبطن هذا القول تهديدا شديدا من شعيب ، فإنه يشعر بأنه على وثوق مما يقول لا يأخذه قلق ولا اضطراب من كفرهم به وتمردهم عن دعوته فليعملوا على ما لهم من القوة والتمكن فلهم عملهم وله عمله ، فسوف يفاجئهم عذاب مخز يعلمون عند ذلك من هو الذي سوف يأخذه العذاب ، هم أو هو؟
٩٤ ـ (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً) إلى آخر الآية ... مضى تفسيرها بالنسبة للرّسل السابقين صلوات الله عليهم.
٩٥ ـ (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) إلى آخر الآية ... فسّرناها سابقا.
٩٦ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ...) أي بعثناه بحججنا المؤيدة لرسالته ونبوته (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة ظاهرة ناصرة له ومقوّية لأمره.
٩٧ ـ (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) أي وأشراف قومه (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) أخذوا به ، وتركوا أمر الله (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) أي ليس ذا رشد ولا يهدي إلى الخير.