٩٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ...) مر معناهما في سورة البقرة (وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) مر معناهما في أول هذه السورة الآية الثانية (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) فهي نجسة دنسة ملازمة للحرمة كلها. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي رجاء فوزكم دنيا وآخرة.
٩١ ـ (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ ...) أي أن الشيطان يقصد إثارة العداوة بينكم (وَالْبَغْضاءَ) في قلوبكم ، (فِي) تعاطيكم (الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) الملازمين لإثارة العداوة والبغضاء كما يعرف ذلك الشاربون للخمر واللاعبون للقمار (وَيَصُدَّكُمْ) يمنعكم منعا شديدا (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) أي عن تذكّره في كل حال (وَعَنِ الصَّلاةِ) يحول بينكم وبينها بدافع السّكر أو لانشغالكم بالمقامرة ، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) أي : هل أنتم تاركون لهذه المفاسد بعد بيان ما فيها من الصوارف عن الطاعات. والاستفهام للإنكار.
٩٢ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، وَاحْذَرُوا ...) أي امتثلوا أمرهما ، وخذوا الحذر وخافوا وتجنّبوا عصيانهما ، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي : أعرضتم (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) فاعرفوا جيدا وخذوا الحذر وخافوا وتجنّبوا عصيانهما ، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي : أعرضتم (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) فاعرفوا جيدا أن رسولنا محمد (ص) ليس عليه إلّا الدعوة إلى الدين وتعريف الناس ما يرضى رب العالمين.
٩٣ ـ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ ...) يعني ليس على المؤمنين الصالحين مؤاخذة أو إثم (فِيما طَعِمُوا) أي : أكلوا وشربوا ، (إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا) أي صدقوا بالله وبرسوله وأطاعوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في زمانهم ذاك ، وتجنّبوا اليوم الخمر والميسر وغيرهما من المحرّمات. (ثُمَّ اتَّقَوْا) أي تجنّبوا ذلك (وَآمَنُوا) صدّقوا بما نزل من التحريم (ثُمَّ اتَّقَوْا) كرّرها سبحانه لأهمية الأمر وخطر حرمة تلك المفاسد (وَأَحْسَنُوا) إلى أنفسهم وتقبّلوا أوامر ربّهم (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) الذين يفعلون الخير لأنفسهم ولغيرهم.
٩٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ...) نزلت هذه الآية المباركة عام الحديبية وقد خاطب سبحانه بها المؤمنين مؤكّدا في قوله : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ) أي يختبركم (بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) كناية عن مطلق صيد البر في الحرم حال الإحرام صغيرا أو كبيرا ، وقليلا أو كثيرا. (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) تدليل على كثرة الصيد إذا كان القريب يقنص بالأيدي ، والبعيد يؤخذ بالرمح. (لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) أي : يعرف سبحانه من يخشاه فعلا وبينه وبين نفسه (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) أي تجاوز الحكم بعد نزوله (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع.
٩٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ...) أي : لا تصطادوا في حال الإحرام. (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) أي عن قصد وتصميم ، (فَجَزاءٌ) يفرض عليه جزاء فعله ، (مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي : يقدّر الجزاء ويحكم به مسلمان عادلان عارفان بالمثل والمماثل في الخلقة (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) والمعنى أنه يساق كبقية الهدي الذي يضحّى ، ويذبح في الحرم ويتصدّق به. (أَوْ) يعطي (كَفَّارَةٌ) أي صدقة. وذلك (طَعامُ مَساكِينَ) أي كفّروا بإطعام مساكين بقيمة تساوي ثمن الهدي (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ) أي ما يساوي ذلك الطعام (صِياماً) فيصوم من لا يقدر على الإطعام ، عن إطعام كل مسكين يوما. (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) يعني ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام ، (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) أي سامح الذين فعلوا ذلك في الماضي ، (وَ) أما (مَنْ عادَ) واصطاد محرما مرة ثانية (فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) أي يجازيه جزاء تعدّ مقصود ، (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) أي منيع الجانب صاحب انتقام من العاصين.