منيعا فلا يغلب (حَكِيماً) فيما يحكم فلا يعارض (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) قال النسفي : هي ما أصابوه مع النبي صلىاللهعليهوسلم وبعده إلى يوم القيامة ، وقال ابن كثير : يعني : فتح خيبر (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) قال الألوسي : «فكأنه قيل : فعجّل لكم هذه المغانم ، وعجّل لكم مغانم أخرى وهي مغانم هوازن في غزوة حنين (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) قال ابن كثير : أي : لم ينلكم سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال ، وكذلك كفّ أيدي الناس عنكم ، الذين خلفتموهم وراء ظهوركم عن عيالكم وحريمكم (وَلِتَكُونَ) أي : هذه الكفّة (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) في كل زمان ومكان ، أي عبرة يعرفون بها أنهم من الله عزوجل بمكان ، وأنه ضامن نصرتهم والفتح عليهم. قال ابن كثير : أي يعتبرون بذلك ، فإن الله تعالى حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء مع قلة عددهم ، وليعلموا بصنيع الله هذا بهم أنه العالم بعواقب الأمور ، وأن الخيرة فيما يختاره لعباده المؤمنين وإن كرهوه في الظاهر (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) قال ابن كثير : أي بسبب انقيادكم لأمره ، واتباعكم طاعته ، وموافقتكم رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وقال النسفي : (ويزيدكم بصيرة ويقينا وثقة بفضل الله) (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) أي : ووعدكم مغانم أخرى لم تقدروا عليها حتى الآن ، أو لم تكونوا لتقدروا عليها لولا توفيق الله عزوجل ، ومن ثم قال (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) قال النسفي : أي قدر عليها واستولى وأظهركم عليها (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) أي : قادرا ، وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة ما المراد بها ، فاختار ابن جرير أنها فتح مكة ، وقال ابن أبي ليلى والحسن البصري : هي فارس والروم ، وقال مجاهد : هي كل فتح وغنيمة إلى يوم القيامة ، وقال ابن عباس : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم ، قال ابن كثير في الآية : (أي وغنيمة أخرى وفتحا آخر معينا لم تكونوا تقدرون عليها قد يسرها الله عليكم ، وأحاط بها لكم. فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون) ثم قال تعالى (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) أي : لغلبوا وانهزموا (ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) يلي أمرهم (وَلا نَصِيراً) ينصرهم. قال ابن كثير في الآية : يقول عزوجل مبشرا لعباده المؤمنين بأنه لو ناجزهم المشركون لنصر الله رسوله وعباده المؤمنين عليهم ، ولا نهزم جيش الكفر فارّا مدبرا لا يجدون وليا ولا نصيرا ، لأنهم محاربون لله ولرسوله ولحزبه المؤمنين (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ) أي : مضت (مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) أي : تغييرا قال ابن كثير : أي هذه سنة الله وعادته في خلقه ، ما تقابل الكفر والإيمان في موطن فيصل إلا نصر الله الإيمان على الكفر ، فرفع الحق ،