بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) أي : اسكتوا مستمعين قال ابن كثير : وهذا أدب منهم (فَلَمَّا قُضِيَ) أي : فلما فرغ النبي صلىاللهعليهوسلم من القراءة (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) إياهم ، أي : رجعوا إلى قومهم فأنذروهم ما سمعوه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) قال ابن كثير : (ولم يذكروا عيسى ؛ لأن عيسى عليهالسلام أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم ، وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة ، فالعمدة هو التوراة ، فلهذا قالوا أنزل من بعد موسى ، وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلىاللهعليهوسلم بقصة نزول جبريل عليه ، عليه الصلاة والسلام أول مرة فقال : بخ بخ هذا الناموس الذي كان يأتي موسى يا ليتنى أكون فيها جذعا). (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي : من الكتب المنزلة على الأنبياء قبله (يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) أي : إلى الله تعالى أو إلى الحق الذي هو ضدّ الباطل في الاعتقاد والإخبار (وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) في الأعمال (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) أي : محمدا صلىاللهعليهوسلم (وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي : يغفر لكم ذنوبكم (وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي : ويقيكم من العذاب الشديد الألم (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) لأن الله لا ينجي منه مهرب ، بل قدرته شاملة ومحيطة (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) أي لا يجيركم منه أحد (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) قال ابن كثير : هذا مقام تهديد وترهيب ، فدعوا قومهم بالترغيب والترهيب ، ولهذا نجع في كثير منهم وجاؤوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفودا وفودا ...
كلمة في السياق :
في قصة عاد وما جاء بعدها ، وفي قصة وفد الجن ووعظهم. انصبّ الإنذار على عذاب الدنيا ، والآن يأتي وعظ وإنذار بعذاب الآخرة ، وبين يدي ذلك يقيم الله الحجة على مجىء اليوم الآخر.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ) أي : ولم يكرثه خلقهن ، بل قال لها : كوني فكانت بلا ممانعة ولا مخالفة بل طائعة مجيبة (بِقادِرٍ