الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (٣٥))
التفسير :
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) أي : هودا (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) في جنوبي الجزيرة العربية وسنرى تحقيقه في الفوائد (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) جمع نذير بمعنى المنذر أو الإنذار (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) أي : من قبل هود ومن خلف هود قال ابن كثير : يعنى وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) قال النسفي : والمعنى : واذكر إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم ، وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك (قالُوا) أي : قوم هود (أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) أي : لتصرفنا (عَنْ آلِهَتِنا) أي : عن عبادتها (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من معاجلة العذاب على الشرك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في وعيدك. قال ابن كثير : استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعادا منهم وقوعه .. (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ) بوقت مجىء العذاب (عِنْدَ اللهِ) ولا علم لي بالوقت الذي يكون فيه تعذيبكم. وقال ابن كثير : أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم ، وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) أي : الذى هو شأني أن أبلّغكم ما أرسلت به من الإنذار والتخويف (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي : لا تعقلون ولا تفهمون. قال النسفي : أي ولكنكم جاهلون لا تعلمون أن الرسل بعثوا منذرين ، لا مقترحين ولا سائلين غير ما أذن لهم فيه (فَلَمَّا رَأَوْهُ) أي : العذاب (عارِضاً)