والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الزروع والأنفس والثمرات (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن الكفر إلى الإيمان ، ومع ذلك لم يرجعوا. (وَقالُوا) في كل مرة سلط عليهم فيها عذاب (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي : بعهده عندك من أن دعوتك مستجابة ، أو بعهده عندك وهو النبوة ، أو بما عهد عندك من كشف العذاب عمّن اهتدى (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) أي : مؤمنون به ، وفسّر ابن جرير الساحر بالعالم. قال ابن كثير : (وكان علماء زمانهم هم السحرة ، ولم يكن السحر في زمانهم مذموما عندهم ، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم ؛ لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك ، وإنما هو تعظيم في زعمهم ، ففي كل مرة يعدون موسى عليهالسلام إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا به ويرسلوا معه بني إسرائيل ، وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه ، هذا كقوله تبارك وتعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ* وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ* فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (الأعراف : ١٣٣ : ١٣٥).
(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أي : ينقضون العهد بالإيمان ولا يوفون به (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) أي : نادى بنفسه عظماء القبط. أو أمر مناديا فنادى ، ويحتمل أنه عمّم تعميما ، أو وزّع منشورا ؛ إذ إن بعض أوراق البردي المكتشفة تذكر أن رعمسيس الثاني وزع منشورا ـ عثر على بعض نسخه ـ يدعو فيه إلى ألوهيته ، ولكن هناك خلاف في أن رعمسيس الثاني هو فرعون موسى.
(قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ) المتفرعة من النيل (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) أي : من تحت قصري أو بين يدي ، أو من تحت سيطرتي ، أي : في ملكي (أَفَلا تُبْصِرُونَ) أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك يعني : وموسى وأتباعه فقراء ضعفاء. وقال النسفي : أي : أفلا تبصرون قوتي وضعف موسى ، وغناي وفقره. وهكذا استدل الخاسر على أن الحق معه بوجود الجاه والغنى والرفاه ، وهي حجة الكافرين وشبهة الضالّين وفتنة القاصرين ، وقد ناقشها المقطع الأول كما رأينا مناقشة واسعة (أَمْ) أي : بل (أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) أي ضعيف حقير (وَلا يَكادُ يُبِينُ) يعني : لا يكاد يفصح عن الكلام فهو عييّ فقير. ويحتمل أن