تفسير الفقرة الرابعة في المجموعة الثانية :
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) فمن بعد يأس الناس من نزول المطر ينزّله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أي : بركات الغيث ومنافعه ، وما يحصل به الخصب قال ابن كثير : أي : يعم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية (وَهُوَ الْوَلِيُ) أي : الذي يتولى عباده بإحسانه (الْحَمِيدُ) أي : المحمود على ذلك ، يحمده أهل طاعته ، قال ابن كثير : أي : هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم وهو المحمود في جميع ما يقدره ويفعله.
كلمة في السياق :
١ ـ جاء قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) بعد قوله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) فهذه الآية تعليل لقبض المطر. وقبض المطر نموذج لقبض الرزق.
٢ ـ بدأت المجموعة الثانية بقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ ..). ثم بعد نهاية الفقرة الأولى جاء قوله تعالى : (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ ..). ثم جاءت الفقرة الثالثة مبدوءة : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ..) وفيها نموذج على لطف الله ثم جاءت الفقرة الرابعة مبدوءة بقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا ..) وفي هذه البداية نموذج على لطف الله ـ عزوجل ـ.
وهكذا نجد أن الفقرة الثالثة والرابعة تخدمان في تبيان مظاهر من لطف الله ـ عزوجل ـ وذكر لطف الله ـ عزوجل ـ في سياق المجموعة دعوة لإقامة الكتاب والميزان دون خوف على رزق ، وبهذا نعلم أن في المجموعة الثانية دعوة لإقامة شريعة الله بذكر كل ما يساعد على ذلك ، وتفنيد كل ما يصدّ عن ذلك في سياق الحديث عن ـ الله عزوجل ـ. إذ كل الأمور منبثقة عن أصل الإيمان بالله ومعرفته ، ومن ثم تنتهي المجموعة ـ كما سنرى ـ بذكر نموذجين من آياته ـ عزوجل ـ الدالة عليه ، كل منهما مبدوء بقوله تعالى (وَمِنْ آياتِهِ) ..