من القرآن (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) أي : الشرك ، وهو وعد مطلق من الله عزوجل (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) أي : ويظهر الإسلام ويثبته بكلماته بما أنزل من كتابه على لسان نبيّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد فعل ـ جل جلاله ـ ويفعل. قال ابن كثير : أي : يحقّقه ويثبته ويبيّنه ويوضّحه بكلماته ، أي : بحججه وبراهينه. (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي : بما تكنّه الضمائر وتنطوي عليه السرائر ، وبهذا انتهت الفقرة الثانية من المجموعة الثانية من المقطع الثاني.
كلمة في السياق :
رأينا أنّ المجموعة الثانية تتألف من فقرات : الفقرتان الأولى والثانية تبدآن بلفظ الجلالة (اللهُ) ، والفقرتان الثالثة والرابعة تبدآن بقوله تعالى : (وَهُوَ).
وقد رأينا أن الفقرتين الأولى والثانية ذكرتا إنزال الله ـ عزوجل ـ الكتاب والميزان ، ووجوب العمل بالكتاب طلبا للآخرة ، وأزاحتا العلل القاطعة عن السير إلى الله ، وأنكرتا قضية السير وراء شرائع أخرى ، وقد فنّدت الآية الأخيرة أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كذب على الله بأن بيّنت أن لو كان شىء من ذلك لعاقبه الله بالختم على القلب فكان كافرا ـ والعياذ بالله ـ ولم يكن سيد المؤمنين. كيف والله ـ عزوجل ـ يؤيّده وينصره وهو العالم بكل شىء؟!. وبعد ذلك تأتي فقرة ثالثة في المجموعة الثانية تحضّ على التوبة ، وتبيّن من هم الذين يستجيبون لدعوة الله ـ عزوجل ـ وتعلّل لسنّة الله ـ عزوجل ـ في رزقه العباد على ما نراه.
تفسير الفقرة الثالثة من المجموعة الثانية :
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) قال ابن كثير : يقول تعالى ممتنا على عباده بقبول توبتهم إليه إذا تابوا ورجعوا إليه ، أنه من كرمه وحلمه أنه يعفو ويصفح ويستر ويغفر (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) قال النسفي : هو ما دون الشرك .. وقال ابن كثير : أي : يقبل التوبة في المستقبل ، ويعفو عن السيئات في الماضي (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) أي : من التوبة والمعصية. قال ابن كثير : أي : هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم ، ومع هذا يتوب على من تاب إليه. أقول : ومجىء هذه الآية في هذا السياق يفيد مطالبة