كلمة في المجموعة الرابعة :
هناك تشابه واضح بين سورة (الشورى) وسورة (طه). تلحظ هذا التشابه في بدايات السورتين ، وتلمحه في بدايات المقاطع : تأمّل بدايتي السورتين : (طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى * تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى * الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى * لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى).
قرن هذه البداية ببداية سورة الشورى : (حم عسق* كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ* تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ ...).
إنك تجد تشابها بين البدايتين :
ثمّ لاحظ أن كلمة (كذلك) تتكرّر في سورة طه : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (الآية : ٩٩). (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) (الآية : ١١٣).
وأنّ نفس الظاهرة تجدها في سورة الشورى : (حم عسق* كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) (الآية : ٧) (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (الآية : ٥٢). من هذا التشابه بين سورتي طه والشورى نستنتج أن محور السورتين واحد ، وكما أنّ سورة (طه) بداية مجموعة ، فسورة الشورى بداية مجموعة.
وعند الكلام عن (كهيعص) كنّا ذكرنا أنّ كلّ حرف منها إذا جاء في أوائل سورة فإنّه يكون علامة على بداية مجموعة ، أو على نهايتها ، تلك قاعدة استخرجناها استقراء من خلال المعاني ، وقد كانت سورة طه وياسين وصاد منسجمة مع هذه القاعدة ، فكذلك سورة الشورى التي ورد في أوائلها الحرف (ع).
فهذه علامة ثانية على أن سورة الشورى بداية مجموعة.