وأكثر خيرها قال ابن كثير : أي : جعلها مباركة قابلة للخير والبذار والغراس (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) أي : أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) قال النّسفي : (أي : في تتمة أربعة أيام ، فخلق الأرض في يومين ، وإيجاد الرواسي وتقدير الأقوات في يومين آخرين ، فكان المجموع أربعة أيام). (سَواءً) أي : استواء (لِلسَّائِلِينَ) أي : هذا الحصر لأجل من سأل في كم خلقت الأرض وما فيها؟ قال ابن كثير : (أي : لمن أراد السؤال عن ذلك ليعلمه (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) أي : عمد إلى السماء في حالة كونها دخانا (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ) أي : لهما جميعا (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) قال ابن كثير : أبي استجيبا لأمري وانفعلا لفعلي طائعتين أو مكرهتين (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) أي : قالتا بل نستجيب لك مطيعين قال الحسن البصري : (لو أبيا عليه أمره لعذّبهما عذابا يجدان ألمه) رواه ابن أبي حاتم (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) أي : فأحكم خلقهن سبع سموات في يومين ، قال ابن كثير : أي : ففرغ من تسويتهن سبع سموات في يومين آخرين (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) قال ابن كثير : أي : ورتّب فورا في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة ، وما فيها من الأشياء التي لا يعلمها إلا هو (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) أي : القريبة من الأرض (بِمَصابِيحَ) وهي الكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض (وَحِفْظاً) أي : وحفظناها من المسترقة حفظا (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الذي قد عزّ كل شىء فغلبه وقهره (الْعَلِيمِ) بمواقع الأمور. ولنا في الفوائد كلام حول هذه الآيات وما ورد فيها من خلق السموات والأرض.
وههنا ننقل وجهة نظر صاحب الظلال في هذه الآيات وقد جزم ههنا على غير عادته بأنّ هذه الأيام الستة ليست كأيامنا ، والذي دعاه إلى ذلك فيما يبدو ذكر الجبال والأقوات ، ولا شك أنّ خلقها كما هي عليه جاء متأخرا عن بدء خلق الأرض ، ولكنّ الآية تحتمل أنّه قد أوجد هذا فيها بالقوة ثمّ كان ذلك بالفعل.
قال رحمهالله شارحا هذه الآيات التي مرّت معنا :
(إنه يذكر حقيقة خلق الأرض في يومين. ثم يعقب عليها قبل بقية قصة الأرض. يعقب على الحلقة الأولى من قصة الأرض. (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) .. وأنتم تكفرون به وتجعلون له أندادا. وهو خلق هذه الأرض التي أنتم عليها. فأي تبجح وأي استهتار وأي فعل قبيح؟!