(أي : فاستووا إليه بالتوحيد وإخلاص العبادة ، غير ذاهبين يمينا ولا شمالا ، ولا ملتفتين إلى ما يسوّل لكم الشيطان من اتّخاذ الأولياء والشفعاء) (وَاسْتَغْفِرُوهُ) أي : لسالف الذنوب ، أو واستغفروه إذا وقعتم فيما يخالف الاستقامة ، أو واستغفروه من الشرك الذي واقعتموه (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) أي : دمار لهم وهلاك (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) أي : لا يؤمنون بوجوب الزكاة ، ولا يعطونها ، أو لا يفعلون ما يكونون به أزكياء النفوس بأن يؤمنوا (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) أي : بالبعث والثواب والعقاب (هُمْ كافِرُونَ) قال النسفي : (وإنما جعل منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة ؛ لأن أحب الشىء إلى الإنسان ماله ، وهو شقيق روحه ، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على استقامته ، وصدق نيته ، ونصوع طويته ، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا ، فقرت عصبيتهم ، ولانت شكيمتهم ، وما ارتدت بنو حنيفة إلا بمنع الزكاة ، وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة ، وتخويف شديد من منعها). (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي : غير مقطوع ولا مجبوب.
كلمة في السياق :
في هذه الآيات تلخيص لدعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم التي رفضها الكافرون ، وهي الإيمان بالوحي الإلهي ، الذي مضمونه التوحيد ، والاستقامة على أمر الله ، والاستغفار ، والإيمان والعمل الصالح ، وأن العذاب واقع بالكافرين الذين من صفاتهم منع الزكاة ، والكفر باليوم الآخر ، وأنّ الأجر حاصل للمؤمنين الذين يعملون الصالحات. هذا تلخيص لدعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهذا التلخيص ردّ على الكافرين في قولهم : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ ..) فدعوة هذا مضمونها لا شىء فيه يرفضه العقل أو العلم أو الإنصاف ، فلماذا يرفضها الكافرون! هذا ما له علاقة بصلة هذه المجموعة بما قبلها. فلنر صلة المجموعة بمحور السورة.
رأينا أنّ محور السورة هو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ... فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقد ذكرت آيات المجموعة التوحيد ، والاستقامة ، والاستغفار ، والزكاة ، والإيمان باليوم الآخر ،