وكان «مالبيجى» ـ الذى يعتبر أبا لعلم الأجنة الحديث ـ قد ظن أن بيضة الدجاجة غير المخصبة تتضمن شكلا مصغر الدجاجة ، وذلك إثر دراسته لبيضة دجاجة غير ملقحة عام ١٦٧٥. وبينما كان فريق من العلماء يرى أن الإنسان يخلق خلقا تاما فى بييضة المرأة ، كان فريق آخر يقرر أن الإنسان يخلق خلقا تاما فى الحوين المنوى. ولم ينته الجدل بين الفريقين إلا حوالى عام ١٧٧٥ ، عند ما أثبت «سبالانزانى» أهمية كل من الحوين المنوى والبييضة فى عملية التخليق البشرى.
هذا فى الوقت الذى نجد فيه أن هذه القضايا قد حسمت بشكل قاطع فى القرآن الكريم والسنة النبوية قبل ذلك بمئات السنين ، مؤكدين أن التخلق هو عملية مشتركة بين الذكر والأنثى. ومثال ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) [الحجرات : ١٣].
ثانيا : علم الأجنة التجريبى :
لم تكتشف بييضة الثدييات إلا فى أواخر القرن التاسع عشر. واعتبارا من نهاية القرن التاسع عشر وحتى الأربعينيات من القرن العشرين ، بدأت المرحلة التاريخية الثانية ، وهى علم الأجنة التجريبى ، وذلك بكتابات «فون باير» و «داروين» و «هيجل». وكان «فون باير» عملاقا فى عصره فى هذا المجال ، فقد قفز بعلم الأجنة من التجارب والمشاهدات إلى صياغة المفاهيم الجنينية لا العكس.
كذلك تميزت المرحلة التاريخية الثانية بالبحث عن (الآليات). وبرز اسم «ويليهيلم روكس» فى هذا المجال ، وانتقلت الدراسة الجنينية من وصف الملاحظات إلى التدخل ومعالجة الكائنات الحية المتطورة.
وقد شغلت مسألة معرفة الآلية التى يحدث فيها التمايز بين الخلايا اهتمام الباحثين أمثال «ويلسون» و «تيودور» و «بوفيرى» و «هاريسون» ، وبدأ «أوتو واربورج» دراسات عن الآليات الكيميائية للتخلق ، ودرس «فرانك راترى ليلى» طريقة إخصاب الحوين المنوى للبييضة ، كما درس «هانس سبيما» آليات التفاعل النسيجى كالذى يحدث خلال التطور الجنينى ، ودرس «يوهانس هو لتفرتر»