أرسطو أول من خصص
جانبا من بحوثه لعلم الأجنة بناء على ملاحظاته على أجنة الطيور والحيوانات. صحيح
أنه انزلق إلى عالم الخرافات والأساطير ، إلا أن ذلك لا يعيبه فقد كانت تلك أحوال
عصره وزمانه ، والعالم ليس إلا محصلة ونتيجة لمعلومات عصره.
وقد لخص أرسطو فى
بحثه عن الأجنة معتقدات أهل عصره ورأيه فيها ، واعتبرها تندرج تحت نظريتين :
الأولى : وهى أن
الجنين يكون جاهزا فى ماء الرجل فإذا دخل ماء الرجل الرحم انعقد ، ثم نما كما تنمو
البذرة فى الأرض يستمد غذاءه من الرحم.
الثانية : أن
الجنين يتخلق من دم الحيض حيث يقوم المنى بعقده مثلما تفعل الأنفحة باللبن فتعقده
وتحوله إلى جبنة. وليس للمنى دور فى إيجاد الولد قط ؛ وإنما هو دور مساعد مثل دور
الأنفحة فى إيجاد الجبنة.
ومنذ عام ٢٠٠ بعد
الميلاد ، وحتى القرن السادس عشر ، لم تسجل أية معلومات تذكر عن الأجنة فى
المؤلفات العلمية فى الغرب ، ولو لا الكتّاب المسلمون الذين عكفوا على الترجمة
لفقد العلم كثيرا من كنوز مؤلفات اليونانيين.
وانطلاقا من القرن
السادس عشر تدافعت نشاطات البحث العلمى حول موضوعات الخلق والتكوين ، وأصبحت محل
نقاش دائم ، وهو ما نستعرضه فيما يلى :
تبين بعض الرسوم ،
خلال القرن السادس عشر ، كيف يتكون الجنين من كتلة دموية وبذرة ، وهذا المفهوم
الخاطئ قال به أرسطو طاليس وانتقل على مر القرون ، وكان الاعتقاد السائد فى هذه
الحقبة أن الجنين يتولد من دم الحيض.
والجدير بالذكر
هنا أنه فى الوقت الذى سادت فيه هذه الفكرة عند جميع الأطباء إلى ما بعد اكتشاف
المجهر ، كان علماء المسلمين يرفضون فكرة أن يتولد الجنين من دم الحيض ، مستندين
إلى آيات قرآنية عديدة مثل قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً
مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) [القيامة : ٣٧] ،
والأحاديث النبوية التى رويت فى هذا المجال. وكان هذا
__________________