وهنا اكتمل خلق الأرض ، بجبالها ، وشجرها ، ومعادنها ، وأسماكها ، وطيرها ، وحيوانها ، هكذا بدأ الخلق.
وفى يوم الجمعة ، أى فى الطور السابع ، فى آخر الخلق ، فى آخر ساعة من ساعات الجمعة ، خلق الله تعالى آدم عليهالسلام.
عن هذا اليوم ، قال سيد الخلق ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن أبى هريرة : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة». (مسلم)
الخليفة فى الأرض
يحسن فى البداية أن نبين أن الله استخلف الإنسان فى الأرض بمعنى أن يرسى قواعد العدل ويحكم بأحكام الله فيها.
وقد اختار الله آدم (١) ليكون خليفته فى الأرض (٢). لكنه قبل ذلك أكمل ـ عز
__________________
(١) آدم اسم مشتق من أديم الأرض. وتتعدد الأحاديث الشريفة فى هذا الصدد ، ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم «كلكم لآدم وآدم من تراب» ، وقوله «إن الله خلق آدم من قبضة من جميع الأرض».
(٢) لعلماء الإسلام أربعة اتجاهات فيمن تكون عنه الخلافة :
* الاتجاه الأول : أن الخلافة تكون عن الله تعالى ، فيقال فى رئيس الدولة خليفة الله ، لأن رئيس الدولة يجب أن يقوم على رعاية حقوق الله فى خلقه ، واحتج صاحب هذا الرأى بقول الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) [الأنعام : ١٦٥].
* الاتجاه الثانى : وحكاه الإمام النووى فى كتابه «الأذكار» عن الإمام النبوى ، أنه لا يجوز أن يقال على أحد إنه خليفة الله ، إلا آدم وداود عليهماالسلام. وذلك لقول الله سبحانه فى حق آدم :
(إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة : ٣٠] ، ولقوله سبحانه فى حق داود : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) [ص : ٢٦].
* الاتجاه الثالث : وأجازه الزمخشرى فى تفسيره (الكشاف للزمخشرى ج ١ ص ٤٤) أنه يجوز إطلاق اسم خليفة الله على سائر الأنبياء عليهمالسلام.
* الاتجاه الرابع : وبه قال جمهور الفقهاء أى الغالبية من الفقهاء ، أنه لا يجوز أن يقال : خليفة الله ، ونسبوا قائل ذلك إلى الفجور ، وإنما يقال الخليفة بإطلاق ، أو خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (تحرير الأحكام لابن جماعة ـ مخطوط بمكتبة الأزهر برقم (١٢٨١) رافعى ٢٧٥٠٠ من الورقة رقم ١٠ والأحكام السلطانية للماوردى ص ١٥). أما أنه لا يجوز أن يقال خليفة الله ؛ فلأنه إنما يكون الاستخلاف فى حال الموت أو الغيبة ، والله سبحانه وتعالى باق إلى الأبد ـ