وهذا القول غير صحيح ، لما يأتى :
١ ـ يختلف نص الحديث فى رواية مسلم عن البخارى ، من حيث إن رواية مسلم تزيد لفظ (فى ذلك) فى موضعين قبل لفظ (علقة) ولفظ (مضغة). وهى زيادة صحيحة تعد من أصل المتن جمعا بين الروايات.
٢ ـ إذا كان القرآن الكريم قد ذكر أن العظام تتكون بعد مرحلة المضغة ، (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً) فإن النبى صلىاللهعليهوسلم قد حدد فى حديث حذيفة أن بدء تخلق العظام يكون بعد الليلة الثالثة والأربعين من بدء تكوّن النطفة (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث إليها ملك ..).
وإذن فالقول بأن العظام يبدأ تخليقها بعد مائة وعشرين يوما يتعارض تعارضا بيّنا مع ظاهر الحديث الذى رواه حذيفة.
٣ ـ أثبتت الدراسات الحديثة فى علم الأجنة أن تكوّن العظام يبدأ بعد الأسبوع السادس مباشرة ، وليس بعد الأسبوع السابع عشر.
وعلى هذا يتضح أن معنى تعبير (مثل ذلك) ـ فى حديث ابن مسعود ـ لا يمكن أن يكون مثله فى الأربعينات من الأيام.
وإنما يكون معنى الحديث (إن أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين يوما ثم يكون فى ذلك ـ أى فى ذلك العدد من الأيام ـ علقة (مجتمعة فى خلقها) مثل ذلك (أى مثلما اجتمع خلقكم فى الأربعين يوما) وقوله (ثم يكون علقة مثل ذلك) معناه أنه يكون فى الأربعين المذكورة علقة تامة الخلق ، متقنة محكمة ، الإحكام الممكن لها ، واللائق بنعمة الله سبحانه وتعالى.
بيان الإعجاز فى الأربعين يوما الأولى :
١ ـ جمع خلق الإنسان :
ظاهر من الحديث الشريف أن خلق الإنسان (يجمع) فى أربعين يوما.
ويقرر الأطباء ـ بعد رحلة طويلة من الدراسات والتشريح الدقيق لجسم الجنين فى الأيام الأربعين الأولى ، أن جميع الأعضاء الرئيسية للإنسان ، تتخلق واحدا بعد الآخر ، فلا تمر الأربعون يوما الأولى إلا وقد اجتمعت جميع الأجهزة ، ولكن فى صورة براعم.