الْحِكْمَةَ) قال النسفي : (أي : الزبور وعلم الشرائع ، وقيل : كل كلام وافق الحق فهو حكمة. وقال مجاهد : يعني الفهم والعقل والفطنة ، وقال مرة : العدل ، وقال مرة : الصواب. وقال قتادة : كتاب الله واتباع ما فيه. وقال السّدّي : النبوة). وكل ذلك أوتيه داود عليهالسلام (وَفَصْلَ الْخِطابِ) قال النسفي : (أي : علم القضاء ، وقطع الخصام ، والفصل بين الحق والباطل ، والفصل : هو التمييز بين الشيئين ... ، وفصل الخطاب : البين من الكلام الملخص يتبينه من يخاطب به لا يلتبس عليه ... والمراد بفصل الخطاب : الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد ، والحق والباطل ، وهو كلامه في القضايا والحكومات ، وتدابير الملك والمشورات). وقال مجاهد : هو الفصل في الكلام وفي الحكم. قال ابن كثير : وهو المراد. واختاره ابن جرير.
كلمة في السياق :
نلاحظ أن الله عزوجل وصف داود عليهالسلام بالقوة والأوبة ، وهما مطلوبان من كل مسلم أن يكون قويا رجّاعا إلى الله عزوجل ، وهاتان الصفتان في سياق السورة تبيّنان أن المسلم يجابه الكفر بالصبر والقوة ، والرجوع إلى الله ، وذكرت لنا الآيات ما أعطى الله عزوجل داود بهاتين الصفتين : من تسبيح الجبال ، والطير معه ، ومن تقوية ملكه ، وإيتائه الحكمة ، وإعطائه فصل الخطاب في القول إذا تكلم ، فكأنّ الله عزوجل يقول للمسلم : أيها المسلم كن صابرا قويا ، أوّابا ، وسأعطيك الكثير كما أعطيت داود عليهالسلام. هذا هو الدرس الأول من ذكر قصة داود عليهالسلام في سياق هذه السورة. والآن يقصّ الله علينا حادثة عن داود عليهالسلام يتبيّن لنا فيها كيف أنّ داود عليهالسلام كان أوّابا ، وفيها مثل على حكمة داود وعلى إعطائه الحكمة وفصل الخطاب. فالحادثة تخدم قصة داود عليهالسلام في جوانب متعددة.
(وَهَلْ أَتاكَ) يا محمد (نَبَأُ الْخَصْمِ) أي خبر الخصماء. قال النسفي : ظاهر الاستفهام ومعناه الدلالة على الأنباء العجيبة (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) أي تصعّدوا سوره ونزلوا إليه ، والسور : الحائط المرتفع ، والمحراب : الغرفة أو المسجد ، أو صدر المسجد (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ) قال ابن كثير : (إنما كان ذلك لأنه كان