كلمة في السياق :
١ ـ كنّا ذكرنا أن المقطع المبدوء ب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) من سورة الأحزاب يكون ألصق بسورة المائدة ومحورها ، ولعلّ هذا المقطع يؤكّد هذا الذي ذكرناه بشكل أوضح ، وذلك أن محور سورة المائدة هو قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها* فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لاحظ الصلة بين قوله تعالى في آيتي المحور (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما ...) وبين قوله تعالى في هذا المقطع (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) ولاحظ الصلة بين معاني المقطع ، وبين قوله تعالى في المحور (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فالتثقيل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإيذاؤه ، وإيذاء المؤمنين ، كل ذلك من قطع ما أمر الله به أن يوصل.
٢ ـ لاحظ الصلة بين هذا المقطع والذي قبله ، فالمقطع السابع كان حديثا عن أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا المقطع في مسراه الرئيسي كان حديثا عن آداب المؤمنين مع بيوته ، وأزواجه عليه الصلاة والسّلام.
فوائد :
١ ـ في سبب نزول قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ...) قال ابن كثير : (هذه آية الحجاب ، وفيها أحكام وآداب شرعية ، وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال : وافقت ربي عزوجل في ثلاث : قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ؛ فأنزل الله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى.) وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البرّ والفاجر ، فلو حجبتهن ؛ فأنزل الله آية الحجاب. وقلت لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم لما تمالأن عليه في الغيرة : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) فنزلت كذلك. وفي رواية لمسلم ذكر أسارى بدر ، وهي قضية رابعة. وقد روى البخاري عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله