قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) فهذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشىء فليس لأحد مخالفته ، ولا اختيار لأحد ههنا ، ولا رأي ولا قول. كما قال تبارك وتعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.) وفي الحديث : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به». ولهذا شدّد في خلاف ذلك فقال : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) كقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.)
٩ ـ وبمناسبة الكلام عن زيد في الآيات قال ابن كثير عنه :
(وكان سيدا كبير الشأن ، جليل القدر ، حبيبا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يقال له الحبّ ، ويقال لابنه أسامة الحبّ ابن الحبّ. قالت عائشة رضي الله عنها : ما بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سرية إلا أمّره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه ، رواه الإمام أحمد. وروى البزار عن أسامة بن زيد قال : كنت في المسجد فأتاني العباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقالا : يا أسامة استأذن لنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته فقلت : علي والعباس يستأذنان. فقال صلىاللهعليهوسلم : أتدري ما حاجتهما؟ قلت : لا يا رسول. قال صلىاللهعليهوسلم : «لكني أدري». قال : فأذن لهما. قالا : يا رسول الله جئناك لتخبرنا أي أهلك أحب إليك؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «أحب أهلي إليّ فاطمة بنت محمد» قالا : يا رسول الله ما نسألك عن فاطمة ، قال صلىاللهعليهوسلم : «فأسامة بن زيد بن حارثة الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه».
١٠ ـ بمناسبة قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) قال ابن كثير : (أي لما فرغ منها وفارقها زوجناكها ، وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله عزوجل. بمعنى : أنه أوحى أن يدخل عليها بلا ولي ، ولا عقد ، ولا مهر ، ولا شهود من البشر. روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لزيد بن حارثة : «اذهب فاذكرها علي» فانطلق حتى أتاها وهي تخمّر عجينها. قال : فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها وأقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكرها ، فوليتها ظهري ، ونكصت على عقبي ، وقلت : يا زينب أبشري أرسلني رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكرك. قالت : ما أنا