(وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها ، وكانت أول من هاجر من النساء ـ يعني بعد صلح الحديبية ـ فوهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : قد قبلت ، فزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه يعني والله أعلم بعد فراقه زينب ، فسخطت هي وأخوها ، وقال : إنما أردنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فزوجنا عبده ، قال : فنزل القرآن (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) إلى آخر الآية قال : وجاء أمر أجمع من هذا (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قال : فذاك خاص وهذا أجمع.
وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : خطب النبي صلىاللهعليهوسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال : حتى أستأمر أمّها فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فنعم إذا» قال : فانطلق الرجل إلى امرأته ، فذكر ذلك لها فقالت : لاها الله إذن ما وجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا جليبيبا وقد منعناها من فلان وفلان ، قال : ـ والجارية في سترها تسمع ـ قال : فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقالت الجارية : أتريدون أن تردوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره ، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه ، قال : فكأنها جلت عن أبويها وقالا : صدقت فذهب أبوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن كنت رضيته فقد رضيناه قال صلىاللهعليهوسلم : «فإني قد رضيته» ، قال : فزوجها ، ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل ، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم ، قال أنس رضي الله عنه : فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بنت بالمدينة.
قال ثابت رضي الله عنه : فما كان في الأنصار أيم أنفق منها. وحدث إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا : هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : قال : «اللهم صبّ عليها صبّا ، ولا تجعل عيشها كدّا» ، وكذا كان فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها. هكذا أورده الإمام أحمد بطوله ، وأخرج منه مسلم والنسائي في الفضائل قصة قتله. وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب : أن الجارية لما قالت في خدرها : أتردّون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره؟ نزلت هذه الآية (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ.) وقال ابن جريج : أخبرني عامر بن مصعب عن طاووس قال : إنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر فنهاه ، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا