عليه الخوف من الله تعالى ، ومراقبته) (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) فرضا ونفلا (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) قال ابن كثير : (في الحديث الذي رواه ابن ماجه : «والصوم زكاة البدن» أي يزكّيه ويطهّره وينقّيه من الأخلاط الرديئة طبعا وشرعا ..) ويدخل في الصوم هنا صوم الفريضة والنافلة ، ومن ثمّ قال سعيد بن جبير : من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر دخل في قوله تعالى : (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة ناسب أن يذكر بعده (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) عما لا يحلّ (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) قال النسفي : (بالتسبيح والتحميد ، والتهليل والتكبير ، وقراءة القرآن ، والاشتغال بالعلم من الذكر) (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) أي هيّأ (مَغْفِرَةً) منه لذنوبهم (وَأَجْراً عَظِيماً) وهو الجنة. والمعنى : أن الجامعين والجامعات لهذه الطّاعات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما على طاعاتهم.
كلمة في السياق :
بعد أن أمر الله تعالى نساء رسوله عليه الصلاة والسلام وهن القدوة العليا للمسلمات بما أمر ذكر في الآية الأخيرة الخصائص العليا لكل مسلم ومسلمة ، وما أعدّه الله لمن اجتمعت له هذه الخصائص ، ولما كان أول هذه الخصائص الإسلام تأتي بعد ذلك آية تبيّن مظهرا من مظاهر هذا الإسلام.
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) أي وما صح لرجل مؤمن ، ولا امرأة مؤمنة (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) من الأمور (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) أي أن يختاروا من أمرهم ما شاؤوا ، بل من واجبهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه ، واختيارهم تلوا لاختياره. قال ابن كثير : (فهذه الآية عامّة في جميع الأمور ؛ وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشىء فليس لأحد مخالفته ، ولا اختيار لأحد ههنا ، ولا رأي ولا قول ... ولهذا شدد في خلاف ذلك فقال : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)) قال النسفي : (فإن كان العصيان عصيان رد وامتناع عن القبول فهو ضلال كفر ، وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر واعتقاد الوجوب فهو ضلال خطأ وفسوق).