الأخرى ما بين عيسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، أو الجاهلية الأولى الكفر قبل الإسلام ، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام. وقال مجاهد في التبرج : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال. فذلك تبرج الجاهلية. وفسّر قتادة تبرج الجاهلية الأولى بأن نساءها كن يخرجن لهن مشية وتكسّر وتغنج. وفسّر مقاتل بن حيان التبّرج فقال : والتبرّج أنها تلقي الخمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها ، وقرطها ، وعنقها ، ويبدو ذلك كله منها ... وقد فعل نساء الجاهلية المعاصرة ما هو أبشع وأسفه وأخسّ ، (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) خصّ الصلاة والزكاة بالأمر ، ثم عمّ بجميع الطاعات ؛ تفصيلا لهما لأنّ من واظب عليهما جرّتاه إلى ما وراءهما (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) إرادة تشريع (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) أي يا أهل البيت (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أي من نجاسة الآثام ، بيّن أنّه إنما نهاهنّ وأمرهن ووعظهنّ لئلا يقارف أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم المآثم ، وليتصوّنوا عنها بالتقوى ، واستعار للذنوب الرجس ، وللتقوى الطهر ، لأنّ عرض المقترف للمقبّحات يتلوّث بها كما يتلوث بدنه بالأرجاس ، وأما المحسنات فالعرض منهنّ نقي كالثوب الطاهر. وفي الآية دليل على أن نساء النبي صلىاللهعليهوسلم من أهل بيته. وفي الفوائد كلام عن مثل هذا. وفي الآية تنفير لأولي الألباب عن المناهي ، وترغيب لهم في الأوامر (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ) أي القرآن (وَالْحِكْمَةِ) أي السنة. إذ كن يسمعن كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع القرآن (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً) عالما بغوامض الأشياء (خَبِيراً) أي عالما بحقائقها ، أي هو عالم بأفعالكن وأقوالكن ؛ فاحذرن مخالفة أمره ونهيه ، ومعصية رسوله.
كلمة في السياق :
وهكذا نلاحظ أن الأوامر قد صدرت لزوجات الرسول صلىاللهعليهوسلم وهن القدوة العليا للمسلمات :
١ ـ بإرادة الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم والدار الآخرة.
٢ ـ بالتنزّه عن الفواحش كلها.
٣ ـ بعدم الخضوع بالقول واللين فيه ، هذا مع الكلم الطيب.