الْفَتْحِ) أي إذا حلّ بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا والآخرة (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ.) كما قال تعالى : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) [غافر : ٨٣]. ومن زعم أن المراد من هذا فتح مكة فقد أبعد النجعة ، وأخطأ فأفحش ؛ فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إسلام الطلقاء وقد كانوا قريبا من ألفين ، ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله : (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً) الآية [الشعراء : ١١٨]. وكقوله : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) الآية [سبأ : ٢٦]. وقال تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) [إبراهيم : ١٥] وقال تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) [البقرة : ٨٩]. وقال تعالى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفال : ١٩].
١٠ ـ وفي سورة السجدة قال ابن كثير : روى البخاري ... عن أبي هريرة قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة (الم تَنْزِيلُ) السجدة و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ.) ورواه مسلم أيضا من حديث سفيان الثوري به. وروى الإمام أحمد ... عن جابر قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم لا ينام حتى يقرأ (الم تَنْزِيلُ) السجدة و (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) تفرّد به أحمد.
كلمة أخيرة في سورة السجدة وزمرتها :
لاحظنا أن السياق الخاص لسورة السجدة صبّ في موضوع رئيسي هو موضوع الإيمان الجازم بهذا القرآن ؛ إلا أننا قلنا من قبل إن كل سورة من هذه السور الأربع المبدءوة ب (الم) صبّ سياقها في موضوع رئيسي من مواضيع الآيات الأولى من سورة البقرة ، ولكنه تحدّث عنه مرتبطا ببقية المواضيع ، وهذا الذي نلاحظه في سورة السجدة.
فقد كان لقوله تعالى : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) حظّه من التفصيل كما رأينا.
وكان لقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ