٣ ـ ورد في أكثر من مكان من القرآن ذكر أصحاب الرس. فمن هم أصحاب الرس؟ للمفسرين كلام كثير فيهم. قال عكرمة : أصحاب الرس بفلج وهم أصحاب يس. وقد فسر قتادة فلج فقال : فلج من قرى اليمامة. وعلى هذا القول كان يرى بعض أساتذتنا أن بلدة الرس الحالية الموجودة في القصيم من نجد هي الرس المذكورة في القرآن. وقال ابن عباس عنها : بأنها بئر بأذربيجان. وعن عكرمة أنها سميت رسا لأنها بئر رسوا فيها نبيهم. أي دفنوه فيها. وذهب ابن جرير إلى أن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج.
٤ ـ وبمناسبة قوله تعالى : (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) قال ابن كثير في تعريف القرن : والأظهر أن القرن هو الأمة من الناس كقوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ) وحده بعضهم بمائة وعشرين سنة ، وقيل بمائة ، وقيل بثمانين ، وقيل أربعين ، وقيل غير ذلك. والأظهر أن القرن هو الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد ، وإذا ذهبوا وخلفهم جيل فهو قرن آخر ، كما ثبت في الصحيحين : «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الحديث.
٥ ـ أشرنا خلال تفسير المقطع إلى آيتين. كل آية منهما فيها معجزة علمية. وكل منهما تحدثنا عنها في كتابنا (الرسول صلىاللهعليهوسلم) :
الأولى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) هذا النص إشارة إلى موضوع الانكسار الضوئي والله أعلم. فإنه لو لا انكسار الشعاع إذا مر بالهواء لكان الظل أكثر امتدادا. ولكن بسبب الانكسار فإن ظل الكرة الأرضية عامة والظل أي ظل ـ يكون مقبوضا انقباضا يسيرا وهو موضوع مفصل هناك ، وقد تحدث عن ذلك صاحب الظاهرة القرآنية.
والآية الثانية : هي قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) ففي قراءة حمزة وعلي (سِراجاً) والسرج : جمع سراج ، والسراج هو الشمس ، فالآية تشير إلى وجود شموس لا شمس واحدة. وهذا معنى لم يعرفه الناس إلا في عصرنا. ففي عصرنا عرف الناس أن كل هذه النجوم إنما هي شموس كشمسنا ، إلا أنها لبعدها عنا ترى صغيرة. وعلى هذه القراءة فينبغي أن تفسر البروج بأنها مسارات النجوم أو أفلاكها.