كلمة في السياق :
رأينا أن المقطع الثاني بدأ بعرض موقف للكافرين من القرآن ، ورد عليه ، ثم ثنى بعرض موقف للكافرين من الرسول ورد عليه ، ثم عرض لشرك المشركين الذي هو العلة الأساسية في كل موقف من النذير والقرآن ورد عليه. ثم بين أن المهمة الرئيسية للرسول صلىاللهعليهوسلم التبشير والإنذار ، وبناء عليه صدرت أوامر للرسول صلىاللهعليهوسلم كي يبلغها أو يفعلها ، وفيما بين الأمر الثالث والرابع عرضت صفات من يستحقون التبشير وبشروا. وكان من جملة صفاتهم الحميدة تذكرهم بالقرآن إذا ذكروا به ، وإذعانهم له ، وإيمانهم بالرسول صلىاللهعليهوسلم ولذلك كله صلاته بسياق السورة الخاص وبمحورها ، ولقد رأينا أثناء العرض والتفسير صلة كل مجموعة في المقطع ، مع سياق السورة الخاص ، وسياقها العام ، ورأينا ارتباط مقدمتها ومقطعيها بمحور السورة من سورة البقرة ، كما رأينا ارتباط بعض آيات السورة بالآيات التي سبقت آية المحور. وقد آن الأوان لنعرض فوائد المقطع الثاني :
الفوائد :
١ ـ بمناسبة قول الله عزوجل على لسان الكافرين (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) يتحدث المفسرون عن كون التوراة والإنجيل والزبور قد أنزلت دفعة واحدة والذي لاحظته من خلال دراسة هذه الكتب ـ كما هي موجودة الآن ـ أنها ليست منزلة جملة واحدة فإذا لم يكن نص عن رسولنا عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر ، فإن هذه القضية لا تعتبر جزما أنها كذلك وبهذه المناسبة قال ابن كثير : (وقد جمع الله للقرآن الصفتين معا ، ففي الملأ الأعلى أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، ثم أنزل بعد ذلك إلى الأرض منجما بحسب الوقائع والحوادث. وروى النسائي بإسناده عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة).
٢ ـ بمناسبة قوله تعالى (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) قال ابن كثير : وفي الصحيح عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة فقال : «إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة». وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وغير واحد من المفسرين.