تواصل كما كانوا في الدنيا ، لأن كلا مشغول عن سؤال صاحبه بحاله والجمع بين هذا وبين قوله (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) ، أن للقيامة مواطن ففي موطن يشتد عليهم الخوف فلا يتساءلون وفي موطن يفيقون فيتساءلون (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) قال النسفي : جمع موزون وهي الموزونات من الأعمال الصالحة التي لها وزن ، وقدر عند الله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.)
كلمة في السياق :
لاحظ بداية السورة : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ولاحظ قوله تعالى هنا (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ثم لاحظ الآية اللاحقة (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) تجد أن السورة كلها تصب مصبا واحدا ، الفلاح للمؤمنين ، الخسار للكافرين ، وتذكر بعد ذلك محور السورة (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..... وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ .... أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) بالسيئات والمراد بهم في هذا المقام الكفار (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أي غبنوها (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) أي ماكثون فيها ، دائمون مقيمون فلا يظعنون (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) أي تحرقها (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) أي عابسون فيقال لهم تقريعا وتوبيخا لأهل النار على ما ارتكبوه من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم التي أوبقتهم (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي) أي القرآن (تُتْلى عَلَيْكُمْ) في الدنيا (فَكُنْتُمْ بِها) بألفاظها ومعانيها (تُكَذِّبُونَ) وتزعمون أنها ليست من الله تعالى (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) أي ملكتنا شقوتنا أي شقينا بأعمالنا السيئة التي عملناها (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) أي ضائعين عن الحق والصواب (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها) أي من النار (فَإِنْ عُدْنا) إلى الكفر والتكذيب والعمل السئ (فَإِنَّا ظالِمُونَ) أي لأنفسنا (قالَ اخْسَؤُا فِيها) أي اسكتوا سكوت ذلة وهوان (وَلا تُكَلِّمُونِ) في رفع العذاب عنكم ، فإنه لا يرفع ولا يخفف ، قال النسفي : قيل هو آخر كلام يتكلمون به ، ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير (إِنَّهُ) أي إن الأمر والشأن (كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) أي اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتم بهم ساخرين (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) أي حتى أنسوكم بتشاغلكم بهم عن ذكري فتركتموه ، أي كان التشاغل بهم سببا لنسيانكم معاملتي فلا ذكر ولا اتباع للذكر (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) استهزاء