(٢٨) يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ
____________________________________
بين فضيلة الإصلاح والتهذيب وحسن النظم والنظام الحميد على الحكمة وبين فضيلة الرأفة، والتيسير في احكامها بل وكون العمل عليها واتباعها سببا لتخفيف الأوزار السابقة ٢٨ (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) بفقر إمكانه واقتضاء الحكمة في تعريضه للسعادة لأن يخلقه الله مختارا في اعماله ذا شهوة يتنعم بها في لذة المباح الصالح في المجتمع. وقد أعانه الله بلطفه بالعقل والرسل والأئمة وشرايع الحق ودعاة الصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة. والأنسب بكرامة القرآن وسمو مقاصده وشرف بيانه ان تكون هذه الآية واللتان قبلها جاريات على ما يليق بها من العموم ٢٩ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لا يخفى ان احكام الآية عامة في إصلاحها لا تختص بالمؤمنين ولكن جرى الخطاب لهم باعتبار انهم هم المنصتون حينئذ لخطاب الوحي والمنقادون لأوامر الله ونواهيه ، والمذعنون بأنه يخاطبهم بشريعة الحق والحكمة (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) والأكل كناية عما يعم الاستيلاء على الأموال بالحيازة. والمراد كما هو الظاهر لا يأكل بعضكم اموال بعض فيما تتعاملون فيه بينكم على غير جهة العطية والرضا وطيب النفس بما تعرفون من فطرتكم وشريعة الحق انه باطل وعلى غير الحق. وقد ذكرنا في الجزء الأول ص ١٦٤ ما ورد في بعض المصاديق من أكل المال بالباطل. وروى في التهذيب عن الصادق (ع) في هذه الآية ما حاصله إن من أكل المال بالباطل أن يكون على الإنسان دين وعنده مال ينفقه في حاجته بل عليه ان يفي به دينه وان احتاج إلى الصدقة (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) بنصب تجارة قال في مختصر التبيان حتى تكون الأموال تجارة او اموال تجارة فحذف المضاف ونصب المضاف اليه في مقامه ويجوز ان يكون التقدير إلا ان تكون التجارة تجارة. وتبعه على ذلك في مجمع البيان واستشهد بقول الشاعر «إذا كان يوما ذا كواكب اسفعا» والاستثناء على التقديرين منقطع لأنه ليس من أكل المال بالباطل. أقول الأموال ليست بتجارة بل هي ما يتاجر به. وفي قوله (او اموال تجارة) إلى آخره زيادة حذف وتقدير. ويجوز ان يكون المعنى إلا ان تكون المعاملة التي تأكلون بها الأموال تجارة عن تراض ومنها الإجارات والجعالات. وبما ان التجارة المشروعة هي ما كانت (عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) تكون الصفة