(٤٨) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
____________________________________
بمعنى واحد وتبعه على ذلك في مجمع البيان. قلت والظاهر ان الألفاظ الثلاثة متقاربة المعنى لا مترادفة وفسره في القاموس والمصباح بالمحو والدروس وفي التبيان اي نمحو آثارها حتى تصير كالقفا ونجعل عيونها في قفاها فتمشي القهقرى. ونسبه في مجمع البيان الى ابن عباس وعطية العوفي وفي الدر المنثور أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وفي التبيان ايضا قيل نطمسها عن الهدى فنردها على ادبارها في ضلالها ذمّا لها بأنها لا تفلح ابدا. وفي مجمع البيان رواه ابو الجارود عن أبي جعفر يعني الباقر (ع) وقيل المراد جلاء الكثير منهم من الحجاز وردهم الى اريحات وأذرعات وبلاد أسلافهم من الشام كما وقع ذلك ببني النضير ومن لم يصالح في حرب خيبر إذ محيت آثار وجوههم من الرؤية والوجود في الحجاز بجلائهم وردهم على ادبارهم الى بلاد الشام وفي التبيان وهو أضعف الوجوه وفي مجمع البيان لأنه ترك للظاهر (أقول) وترك الظاهر فيه اقل من القول الثاني إذ ليس فيه الا التجوز في الطمس بالاستعارة التي يقرب وجه الشبه فيها بخلاف الثاني وترجيح الثاني بالرواية عن الباقر (ع) جيد لو سلمت الرواية عن ضعف الإرسال وغيره وعن المعارضة بالرواية الأخرى الراجحة عليها عن الباقر (ع) ايضا لدلالتها على ان ألفاظ الآية مستعملة في معانيها الحقيقية ففي تفسير البرهان عن النعماني وعن اختصاص المفيد عن عمر ابن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن الباقر (ع) في حديث الخسف في البيداء بجيش السفياني ولا يفلت منهم الا ثلاثة نفر تحول وجوههم الى أقفيتهم وفيهم نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ) الى قوله تعالى (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) الرواية. ولعل قوله (ع) وفيهم نزلت انما هو باعتبار انطباق مضمونها عليهم وقال في الكشاف وقيل أن الطمس منتظر ولا بد من طمس ومسخ لليهود قبل يوم القيامة وقال الرازي في الرابع من أجوبته وعندنا انه لا بد من طمس في اليهود او مسخ قبل يوم القيامة (١) ٤٧ (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) شيئا غيره في الإلهية وما لله تعالى شأنه من مقام الإلهية وشؤونها. فمن الشرك الشائع في العصور الماضية والحاضرة ما يزعمونه في بعض البشر من انه منبثق ومتولد من الله وانه ابن الله المتولد من عذراء من النساء ويجعلون الله الواحد ذا أقانيم ثلاثة الأب والابن
__________________
(١) لم يتم قدسسره تفسير بقية هذه الآية ومكانها بياض في المسودة