ومقتضى روايات الدر المنثور عن ابن عباس ان آية (وَأَنْتُمْ سُكارى) نسختها آية (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) وفي رواية آية الوضوء وفي اخرى انها قبل أن تحرم الخمر وأن المراد سكر الخمر. ولكن ذكر ان عبد بن حميد اخرج عن ابن عباس أنه قال النعاس ويشبه أن يكون من ذلك ما أخرجه البخاري عن انس عن رسول الله (ص) إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف ولينم حتى يعلم ما يقول وفي الكافي في الموثق عن الصادق (ع) سئل عن الآية فقال سكر النوم. وفي الصحيح عن الباقر (ع) يعني سكر النوم وروى العياشي عن الباقر (ع) نحوه. والسكر ضد الصحو وهو حالة تعتري الإنسان تعبث بشعوره وتخرجه عن استقامته الطبيعية. ومن ذلك ان يذهل عما يقول او يفعل كلا او بعضا فيفعل أو يقول ما لا يعلمه ولا يريده. وللسكر مراتب مختلفة ومنه الحالة التي تعتري الإنسان بهذه الصفة من شدة النعاس وهي المرادة من سكر النوم اي السكر الذي يكون من مقدمات النوم او بقاياه في الاستيلاء على الحواس والشعور ومنه قول الطرماح
مخافة ان يرين النوم فيهم |
|
بسكر سنانة كل الريون |
وانشد الرضي في حقائق التأويل شاهدا على ذلك
وركب سروا حتى كأن رقابهم |
|
من السكر في الظلماء خيطان خروع |
نعم قد كثر استعماله في سكر الخمر لكن هذه الكثرة لا تمنع ارادة المعنى العام في الآية خصوصا مع اقتضاء الغاية لإرادته فإن قوله تعالى (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) يدل على أن المراد حفظ صورة الصلاة والالتفات إليها. وصونها عن الذهول عنها والتخليط في افعالها وأقوالها. فإن إحرازهم لكونهم يعلمون ما يقولون فيها يلزمه الصحو العادي. ولو قيل ان السكر حقيقة في سكر الخمر مجاز في سكر النوم لكانت الغاية على ما قررنا قرينة على إرادة معنى يعم ما زعموه من الحقيقة والمجاز. وانما خص بالذكر سكر النوم في روايات ابن عباس والباقر والصادق (ع) نظرا الى حال السائلين واكثر المسلمين في ان محل ابتلائهم الذي يقتضي بيان الحكم لهم هو سكر النوم لا لحصر مدلول الآية به. واما قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا) فالخطاب فيه للمؤمنين الموجودين في حال الخطاب نهيا لهم عن ان يقربوا الصلاة على تلك الحالة في المستقبل فإن خطاب المعدومين ودخولهم فيه قبيح كما هو المذهب الصحيح نعم يعم الحكم غير الموجودين
__________________
يحتاج من سكره الى من يهديه الى بيته مع انه كثير التردد الى امير المؤمنين ليس غريبا يضل الطريق فأرسل معه قنبر مولاه ليهديه ونعم الحكم الله والموعد القيامة