الإفصاح في فقه اللّغة :
يعتبر (الإفصاح) أشمل وأوسع معجم للمعاني في العصر الحديث ، ولا غرو فهو إنّما صورة منقّحة ومختصرة عن (مخصّص) ابن سيده الذي سبق ذكره. غير أنّ مؤلّفيه حسين موسى وعبد الفتّاح الصّعيدي أضافا أيضا بعض المعلومات اللّازمة لتوضيح العموميّات الواردة في المخصّص. فهما قد حذفا الشّواهد والاستطرادات والمناقشات اللّغويّة في الأصل ، غير أنّهما أضافا ـ خاصّة في الطّبعة الثانية ل (الإفصاح) ـ عددا من الموادّ اللّغويّة «التي تشتدّ الحاجة إليها في التّعبير عن المصطلحات الأجنبيّة». كما أنّهما «بالغا في تفصيل العناوين تيسيرا للباحث» ، وألحقا «بالكتاب معجما يجمع موادّه اللّغويّة مرتّبة على حسب الحروف الهجائيّة ، وأمام كلّ مادّة أرقام صفحاتها ؛ ليكون الكتاب معجما للألفاظ كما أنّه معجم للمعاني ...» (من مقدّمة المؤلّفين للطّبعة الثانية).
هذا ويشتمل الكتاب في مجلّديه الكبيرين على ثلاثة وعشرين بابا يتضمّن كلّ منها على عدد من الموضوعات المتّصلة بالباب ، ويدخل تحت تلك الأقسام الرّئيسة مجموعة من الموضوعات ، وتشتمل هذه بدورها على مجموعة أدقّ. ففي الباب الأوّل (في خلق الإنسان) مثلا نجد أقساما مثل : «الحمل والرّضاع والفطام ، جسم الإنسان» ، ثمّ في قسم «جسم الإنسان» نجد موضوعات مثل : «الرّأس ، الفم وما فيه» وفي الباب الثالث (في الكلام والكتابة والأصوات والأخبار والتّقاضي والأحكام والعقوبات) نجد موضوعات عن «الكلام ، الفصاحة والفصحاء ، ... التّرجمة والتّعريب ، التّصنيف والتّأليف ...» ثمّ عناوين رئيسة هي «الكتابة وأدواتها ، الكتب ، الأصوات ، الأخبار». وفي قسم الأخبار نجد «الخبر والحديث ، مناقلة الحديث ، ... أنواع الأحكام ... الحجّة والبرهان ...» في الباب الخامس عشر (في المياه وما فيها وفي القنوات والآبار وآلات رفع المياه) نجد بعض العناوين الرّئيسة مثل «البحر وما فيه ، السّمك ، الأنهار ، الآبار ، الجبال ...» ، وقد أدرج تحت كلّ عنوان عدد من الموضوعات أو العناوين الفرعيّة.
المنجد في المترادفات والمتجانسات :
في هذا المعجم الصّغير لرفائيل نخلة اليسوعيّ ، نجد توجّها جديدا في صناعة معاجم المعاني. ففي الكتاب الذي صدر قبل بعشر سنوات تقريبا بعنوان (قاموس المترادفات والمتجانسات) ، نجد الألفاظ في معجم للمعاني مرتّبة ألفبائيّا بدلا من الموضوعات. ويوضح المؤلّف ذلك التّرتيب بقوله : «لا نجهل أنّ عدّة أدباء متضلّعين من لغة الضّاد قد سبقونا في هذا الميدان ، فأفرغوا كافّة جهدهم في تصنيف كتب على المادّة التي اخترناها ...» بيد أنّ استعمالها في أيّامنا للبحث عن فئة من المترادفات أو المتجانسات ، ولتحقيق معنى كلّ من كلماتها ، لا يخلو من الصّعوبة ، لسبب واحد أو أكثر من الأسباب الآتية :
«الأوّل عدم التّرتيب الأبجديّ. الثاني إهمال مئات من سلاسل الألفاظ المترادفة أو المتجانسة ... فرط كثرة الألفاظ المماتة ، وغضّ النّظر عن مئات ألفاظ حيّة وحديثة الاندماج في لغتنا ...».