وقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ)(١) ، قال : نسخ هذا كله بآية السيف وهو قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، الآية ، وقوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ)(٢) ، الآية.
وقال موسى بن غفلة : كان النبي عليه الصلاة والسلام قبل ذلك يكف عمن لا يقاتله ، لقوله تعالى : (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً)(٣) ، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ـ إلى قوله ـ (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) ، الآية.
وعموم ذلك يوجب قتل كافة المشركين من أهل الكتاب وغيرهم ، فإنه جعل المرد (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ) ، إلا أن الأخبار وردت في أخذ الجزية.
ويجوز أن يكون لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتابين ، ويقتضي ذلك منع أخذ الجزية من عبدة الأوثان وغيرهم.
واعلم أن مطلق قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) ، يقتضي جواز قتلهم بأي وجه كان ، إلا أن الأخبار وردت في النهي عن المثلة ، ومع هذا يجوز أن يكون الصديق رضي الله عنه ، لما قتل أهل الردة بالإحراق بالنار ، والحجارة ، والرمي من رؤوس الجبال ، والتنكيس في الآبار ، تعلق في ذلك بعموم الآية.
__________________
(١) سورة الجاثية آية ١٤.
(٢) سورة التوبة آية ٢٩.
(٣) سورة النساء آية ٩٠.