بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة براءة (١)
قوله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ، الآية / ١.
اعلم أن الإمام إذا استشعر من أهل العهد جناية ، أو توقع منهم غائلة ، كان له نبذ عهدهم إليهم ، دفعا لغائلتهم ، حتى لا يؤتى من حيث لا يشعر ، إلا أنه إنما يجوز ذلك بأن يجاهر بنبذ العهد إليهم ، حتى لا يكتسبهم مغافصة (٢) ، فيشبه الغدر ، ويجوز أيضا أن يعاهد المشركين إلى أن يرى فيه رأيه ، كما عاهد أهل خيبر ، وقال في العهد : أقركم ما أقركم الله ثم أجلاهم عمر ، وكل ذلك جائز.
وإذا ثبت ذلك فقوله : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) : يدل على أن عهدا قد تقدم بينهم ، وأنه قد نقض.
__________________
(١) قال علماؤنا : هذه السورة من آخر ما نزل بالمدينة ، ولذلك قل فيها المنسوخ ، ولها ستة أسماء : التوبة ، والمبعثرة ، والمقشقشة ، والفاضحة ، وسورة البحوث ، وسورة العذاب.
(٢) مغافصة : الأخذ على غرة.