وقد قيل : لو لا تقدم دلالة القرآن على أن الصغائر مغفورة عند اجتناب الكبائر لمسهم العذاب ، فعلى هذا ثبت كونهم عصاة ، وإن كانت الصغائر مغفورة ، فيصح أن يعاتبوا على ما فعلوه.
وقد قيل : معناه لو لا أن الوعيد يتقدم العقاب ، لمسكم فيما أخذتم ، ولكن سبق الكتاب بأن لا مؤاخذة إلا بعد النهي.
وقد قال قائلون : يجوز أن يكون توقفه بعد الأسر في قتلهم ، صغيرة ورد فيها العقاب.
ويقال : كيف يكون هذا صغيرة مع تقدم قوله : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) ، وأنتم إن جعلتم ذلك صغيرة ، لم تجعلوا قوله : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) واردا بعد حرب بدر بل قبله ، فإذا ثبت ذلك ، فلا بد أن تكون مخالفة الأمر في ذلك كبيرة.
قيل : احتمل أنهم توهموا أن القتل لما كثر جاز العدول إلى الأسر.
قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) ، الآية ٦٩ :
ليس فيه بيان أكله بعد القسمة أو قبلها ، أو بعد الغلبة والإحراز بدار الإسلام.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ، الآية / ٧٢.
يدل قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)(١) : على وجوب الهجرة ، إلا أنها كانت واجبة في وقت ، وقد زال ذلك الوجوب بالفتح لقوله صلّى الله عليه وسلم :
__________________
(١) سورة الأنفال آية ٧٢.