إلى فائدة واحدة ، ومعنى واحد ، حتى يقال ذلك المعنى لا يثبت بمرة واحدة ، بل يثبت بمرتين ، أما الطلاق فإسقاط ملك النكاح ، فإذا لم يسقط ملك النكاح بطلقة واحدة ، فالطلقتان منه في حالة واحدة ، كالطلقتين في ساعتين ، ومثله قوله تعالى :
(نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ)(١).
لا أن ذلك في حالتين منفصلتين ، بعد تخلل فاصل بين الآخر (٢) الأول والثاني ، فإن نعيم الآخرة متصل ، لا انقطاع له ولا انفصال فيه.
ويحتمل أن الله تعالى ذكر بيان الرخصة على خلاف القياس ، فقال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) أي : لكم أن تطلقوا مرتين وتراجعوا بعدهما ، فإن طلقتم الثالثة فلا رجعة ، إلا أن تنكح زوجا غيره ، وهذا لا يقتضي كون مخالفة الرخصة بدعة ، ولما كانت هذه الرخصة في إثبات الرجعة مع صريح إسقاط الملك فيما غلب فيه التحريم ، وجعل مبعضه مكملا ، وفاسده صحيحا ، فصحيحه وصريحه في إسقاط الرجعة ، كيف لا يكون باتا للملك ، وقاطعا للرجعة ، بديهة في قياس الطلاق؟
نعم كرر الله تعالى الرجعة في مواضع فقال :
(فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) إلى قوله :
(لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)(٣).
وليس في هذا دليل على أنه إذا أخذ بما هو الأصل في إسقاط ملك هو له أن لا يجوز.
__________________
(١) سورة الأحزاب آية ٣١.
(٢) الآخر لعلها زائدة.
(٣) سورة الطلاق آية ١.