ومن فوائد هذه الآية : دلالة عمومها على صحة إيلاء الكافر والمسلم ، سواء كان الإيلاء بعتق ، أو طلاق ، أو صدقة ، أو حج ، أو يمين بالله.
وأبو حنيفة يقول : لا يصح من الكافر ما كان بالتزام صدقة أو حج ، ويصح ما كان بطلاق ، أو عتاق ، أو حلف بالله ، وإن لم يلزمه بالحلف بالله عز وجل شيء ، وصحح الإيلاء ممن لا يلتزم بالوقاع شيئا ، يتوقى الوقاع لأجل ذلك الأمر ، مع أنه لو آلى بطلاق زوجته ، أو عتاق عبده ، فمات العبد قبل مضي المدة ، بطل الإيلاء ، لأنه لا يخشى التزاما ، فكذلك قياس قوله أن لا يصح منه الإيلاء إذا حلف بالله ، لأنه لا كفارة عليه بالمخالفة.
واحتج محمد بن الحسن على امتناع جواز الكفارة قبل الحنث ، بأن قال :
إنه لما حكم الله تعالى للمولى بأحد حكمين ، من فيء أو عزيمة للطلاق ، فلو جاز تقديم الكفارة على الحنث ، لبطل الإيلاء بغير فيء ولا عزيمة طلاق ، لأنه إن حنث فلا يلزمه بالحنث شيء ، ومتى لم يلزم الحالف بالحنث شيء ، لم يكن مؤليا ، وفي جواز تقديم الكفارة إسقاط حكم الإيلاء بغير ما ذكره الله تعالى ، وذلك خلاف الكتاب.
وهذا غير صحيح لأن الله تعالى إنما أبقى (١) حكم الإيلاء إذا بقيت المضارة ، وإنما تبقى المضارة إذا كان يتوقع التزام أمر بالوقاع ، فشرط بقاء الإيلاء بقاء حكمه ، فإذا قدمه زال هذا المعنى ، كما يزول بموت العبد المحلوف على عتقه ، أو المرأة المحلوف على طلاقها ، وليس يقتضي ذلك مخالفة الكتاب بل يطابق معناه إذا تأمل ..
__________________
(١) في الأصل : بقي.