وإن جعلته تلقى قسم ، فإن هذا اللفظ الذي هو «أخذنا ميثاق» مجاز ما يقع بعده على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن لا يتبع شيئا مما يجرى مجرى القسم ؛ كقوله : (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
والآخر أن يتلقى بما يتلقى به القسم ، نحو : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) (٢).
والثالث : أن يكون أمرا. نحو : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا)(٣).
ولم يجىء شىء من هذا النحو ـ فيما علمنا ـ تلقى بجواب القسم ووقع بعده أمر ، فإن جعلت «لا يعبدون» جواب قسم ، وعطفت عليه الأمر ، جمعت بين أمرين لم يجمع بينهما.
فإن قلت : لا أحمل الأمر على القسم ولكن أضمر القول ، كأنه قال : وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلّا الله ، وقلنا لهم : «وأحسنوا بالوالدين إحسانا» ؛ فالقول: إن إضمار القول فى هذا النحو لا يضيق ، «وقلنا» على هذا معطوف على «أخذنا» ، وأخذ الميثاق قول ، وكأنه : قلنا لهم : كذا وكذا.
وإن حملته على أن اللفظ فى «لا تعبدون» لفظ خبر والمعنى معنى / الأمر ، فإن ذلك تقوية ما زعموا أن فى إحدى القراءتين «لا تعبدوا».
__________________
(١) الحديد : ٨.
(٢) آل عمران : ١٨٧.
(٣) البقرة : ٦٣ ، ٩٣.