بجواب القسم ، ألا ترى أن قوله : «خذوا» فى الآية ليس بجواب قسم ، ولا يجوز أن يكون جوابا له ، وكذلك من قرأ : «لا تعبدوا» : فجعل «لا» للنهى. كما كان : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ / لَتُبَيِّنُنَّهُ) (١) قسما. وكذلك : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) (٢). وكما أن «لتبيننه» لا يكون إلّا جوابا للقسم ، يكون قوله : «لا تعبدون» و«ولا تسفكون» يجوز أن يكون جوابا للقسم ، ويجوز أن يكون «لا تسفكون» ونحوه فى : أن لا تسفكوا ، كأنّ تقديره : أخذنا ميثاقهم بأن لا تسفكوا ؛ ولا يكون ذلك جواب قسم كما كان فيمن قدّره حالا غير جواب قسم ، إلا أنه لما حذف «أن» ارتفع الفعل.
واعلم أن ما يتصل بهذه الأشياء الجارية مجرى القسم. فى أنها أجيبت بما يجاب به القسم ، لا تخلو من أن تكون لمخاطب أو لمتكلم أو لغائب ، جاز أن يكون على لفظ المخاطب ، وإنما جاز كونه على لفظ المخاطب لأنك تحكى حال الخطاب وقت ما تخاطب به ، ألا ترى أنهم قد قرءوا : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) (٣) على لفظ الغيبة ، وبالتاء على لفظ الخطاب ، على حكاية الحال حال الخطاب فى وقت الخطاب ؛ فإذا كان هذا النحو جاز أن تجىء القراءة بالوجهين جميعا ، وجاز أن تجىء بأحدهما ، كما جاء قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ) (٤) بالوجهين جميعا ، ويجوز فى قياس العربية فى قوله تعالى : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (٥) على الوجهين اللذين قرئ فيهما
__________________
(١) آل عمران : ١٨٧.
(٢) النحل : ٣٨.
(٣) آل عمران : ١٢.
(٤) البقرة : ٨٣.
(٥) الأنفال : ٣٩.