السابع والثمانون
هذا باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه في كتابه
فمن (١) ذلك ما ذكره فى باب «ما». قال : وأهل الحجاز شبّهوها ، يعنى «ما» ب «ليس» إذ كان معناها كمعناها ، كما شبهوا ب «ليس» «لات» فى بعض المواضع ، وذلك مع «الحين» خاصة ، لا تكون «لات» إلا مع «الحين» يضمر فيها مرفوع وينصب «الحين» لأنه مفعول به ، ولم يتمكن تمكنها. ولم يستعملوها إلّا مضمرا فيها ، يعنى «لات» وليس ك «ليس» فى المخاطبة والإخبار عن غائب ، تقول : لست ، وليسوا ، وعبد الله ليس ذاهبا ، فيبنى على المبتدأ ويضمر فيه ، وهذا لا يكون فيه ذاك ، يعنى فيه «لات» ولا يكون هذا فى «لات» لا تقول : عبد الله لات منطلقا ، ولا قومك لاتوا منطلقين. ونظير «لات» فى أنه لا يكون إلّا مضمرا فيه «ليس» ولا يكون فى الاستثناء ، إذا قلت : أتونى ليس زيدا ، ولا يكون بشرا. وزعموا أن بعضهم قرأ (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٢) وهى قليلة ، كما قال بعضهم (٣) :
من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح |
فأعمل «لا» عمل «ليس» و«لا» تعمل مع ذلك إلّا فى نكرة ، فجعلها بمنزلة «ليس» فهى بمنزلة «لات» فى هذا الموضوع فى الرفع ، ولا يجاوز بها الحين ، رفعت أو نصبت ، أي لا تكون «لات» إلا مع «الحين».
قال الأخفش : «لات» لا تعمل شيئا فى القياس ، لأنها ليست بفعل ، فإذا كان ما بعدها رفعا فهو على الابتداء ، ولم تعمل «لات» فى شىء رفعت أو نصبت.
__________________
(١) الكتاب (١ : ٢٨ ـ ٣٣ ، ٣٥٤).
(٢) ص : ٣ ـ قراءة الجمهور : ولات حين ، بفتح التاء ونصب النون ، عاملة عمل ليس واسمها محذوف ، أو عاملة عمل إن والخبر محذوف. وقرأ أبو السمال ، ولات حين ، بضم التاء ورفع النون. وقرأ عيسى بن عمر بكسر التاء وجر النون (البحر ٧ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤).
(٣) القائل : سعد بن مالك القيسي.