قلت : فى قول أبى علىّ هذا فيه نظر ، لأن الضمير في قوله : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (١) يعود إلى الله سبحانه ، هو العالم بوقت حلولها.
وإنما التقدير : وعنده علم وقت الساعة ، ولا يتوجه على هذا عطف «وقيله» على موضع «الساعة» / على معنى ما قال أبو علىّ «ويعلم قيله». أي : يعلم أن الدعاء مندوب إليه ، لأن هذا مما الأشبه به أن يكون من صفة الرسول ، وبعد أن يعلم أن المصدر ، الذي هو «قيل» ، مضاف إلى «الهاء» ، وهي مفعولة في المعنى لا فاعلة ، أي ، وعنده علم أن يقال : (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) (٢) والمصدر هنا مضاف إلى المفعول لا إلى الفاعل.
وإنما هو من باب قوله : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) (٣) أي : بسؤاله إياك نعجتك ، لا بد من هذا التقدير.
ألا ترى أنه لا يجوز أن نقدره على أنه : وعنده علم أن يقول الله : (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) (٤) لأن هذا إنما يقال لله تعالى دون أن يكون هو سبحانه يقول : «يا ربّ إنّ هؤلاء» كذا ، فتم الكلام على «يؤمنون».
وأحسن من جميع ما ذكره أبو علىّ : أن يكون نصب «قيل» ، بالعطف على مفعول «يعلمون».
والتقدير : وهم يعلمون الحق ، «وقيله» أي قول الحق ، أو قول محمد عليهالسلام ، والمراد ب «قيله» : شكواه إلى ربه. ويجوز أن يكون ينتصب «قيله» بفعل مضمر ، أي : قال قيله وشكواه.
__________________
(١) الزخرف : ٨٥.
(٢) الزخرف : ٨٨.
(٣) ص : ٢٤.