فانتصاب «غير» إنما هو من فاعل «أكل» وفيه قولان :
أحدهما : أن يأكل ما حرّم عليه مما قدّم ذكره من غير ضرورة.
والثاني : ألّا يتجاوز في الضرورة ما أمسك الرمق ، ولا ينتهى إلى حدّ الشّبع.
ويجوز ، على القول الأول ، أن ينتهى إلى حد الشبع.
فإن قيل : إذا كان هذا الأكل مباحا فلما ذا (١) عقبه قوله : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢) ولا معصية هناك؟
فجوابنا : أن المراد به أنه غفور إن وقع في هذه / الرّخصة ضرب من التجاوز ، لأن ذلك مبنىّ على الاجتهاد ؛ وأنه رحيم من حيث رخّص فى ذلك عند الشدّة.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) (٣) أي : ما أكله السبع ، أي : أكل بعضه ، فحذف المضاف المفعول.
ومن ذلك قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (٤). أي : والسموات غير السموات.
ومثله ما روى من قوله عليهالسلام : «ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد فى عهده» أي : ولا ذو عهد في عهده بكافر. ونحو ذلك مما يذكر على تكرير المفعول فيه ، وحذفه لتقدم ذكره فيما تقدم من الكلام.
ومن حذف الفاعل وإضافة المصدر إلى المفعول قوله تعالى : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) (٥) أي : كخشيتهم من الله. وقوله : (يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (٦).
__________________
(١) في الأصل : «فلم ذا».
(٢) المائدة : ٣.
(٣) المائدة : ٣.
(٤) إبراهيم : ٤٨.
(٥) النساء : ٧٧.
(٦) البقرة : ٧٤.