وعلى هذا قوله تعالى : (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (١) فأسند النّسيان إليه ، والمعنى على أنهم نسوا ذلك.
وأما قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٢) ؛ فالأشبه أن يكون من الذي هو خلاف الذّكر. وهذا أشبه من أن يحمل على ما يراد به التّرك.
وذلك أن النبي ، صلى الله عليه وعلى آله ، كان إذا نزل عليه القرآن أسرع القراءة وأكثرها مخافة النّسيان ، فقال : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٣) أي تنساه ، لرفعه ذلك بالنّسيان كرفعه إياه بالنسخ بآية أو سنة.
ويؤكّد ذلك قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (٤).
وقوله تعالى : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٥) فحمل قوله : «فلا تنسى» ، إذا كان يسلك هذا المسلك ، ليس بالوجه.
ومما حذف المفعول قوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦) أي : بشّرهم بالجنة.
ومن حذف المفعول قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٧) أي كحب الله المؤمنين. فالمصدر مضاف إلى الفاعل ، والمفعول محذوف.
__________________
(١) الحشر : ١٩.
(٢) الأعلى : ٦.
(٣) الأعلى : ٦.
(٤) القيامة : ١٦ و ١٧ و ١٨
(٥) طه : ١١٤.
(٦) الصف : ١٣.
(٧) البقرة : ١٦٥.