ويجوز أن يكون الضمير فى «أنساه» للذى ظن أنه ناج منهما ، ويكون ربّه ملكه.
وفي الوجه الأول ، يكون «ربه» الله سبحانه وتعالى ، كأنه أنساه الشيطان أن يلجأ إلى الله في شدته.
وأما قوله تعالى : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (١).
والتقدير : تنسون دعاء ما تشركون ، فحذف المضاف ، أي : تتركون دعاءه والفزع إليه ، وإنما يفزعون إلى الله ـ سبحانه وتعالى. ويكون من النسيان الذي هو خلاف الذكر ، كقوله تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (٢) أي : تذهلون عنه فلا تذكرونه.
وقال : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) (٣).
فهذا يجوز أن يكون منقولا من الذي بمعنى التّرك ، ويمكن أن يكون من الذي هو خلاف الذّكر ، واللفظ على : أنهم فعلوا بكم النسيان.
والمعنى : أنكم أنتم أيها المتخذون عبادى سخريّا / نسيتم ذكرى ، باشتغالكم باتخاذكم إياهم سخريّا ، وبالضحك منهم ، أي : تركتموه من أجل ذلك ، وإن كانوا ذاكرين غير ناسين. فنسب الإنساء إلى عباده الصالحين وإن لم يفعلوا ، لما كانوا كالسبب لإنسائهم.
فهذا كقوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (٤).
__________________
(١) الأنعام : ٤١.
(٢) الإسراء : ٦٧.
(٣) المؤمنون : ١١٠.
(٤) إبراهيم : ٣٦.