فإذا لم ينل الماء لبعده عنه مع بسطه الكفين ، فأن لا يبلغ فاه ، مع هذه الصورة على الامتناع ، أولى.
وقيل : إن الذي يدعو الماء ليبلغ إلى فيه ، وما الماء ببالغ إليه.
وقيل : إنه كالظمان يرى خياله في الماء ، وقد بسط كفيه ليبلغ فاه ، وما هو ببالغه ، لكذب ظنه وفساد توهمه. عن ابن عباس.
وقيل : إنه كباسط كفّيه إلى الماء ليفيض عليه ، فلا يحصل في كفيه شىء منه.
وعن الفراء : إن المراد بالماء هاهنا البئر ، لأنها معدن للماء ، وإن المثل : كمن مدّيده إلى البئر بغير رشاء.
وأما قوله تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (١). فقد قال الفراء : إن «خاضعين» جرى حالا عن المضاف إليهم دون الأعناق ، فجمع جمع السلامة ، ولو جرى على «الأعناق» لقيل : خاضعة.
وليس الأمر كما قال ؛ لأنه لم يقل : خاضعين هم ، ولكن الأعناق بمعنى الرؤساء. وإن شئت كان محمولا على حذف المضاف ، أي : فظلت أصحاب أعناقهم ، فحذف المضاف.
وأما قوله : (إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) (٢). فهو نصب على الحال من الضمير في قوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) (٣) ولم يجر وصفا ل «طعام» ، لأنه لم يقل : غير ناظرين أنتم إناه ، إذ ليس فعلا ل «طعام».
__________________
(١) الشعراء : ٤.
(٢) الأحزاب : ٥٣.