فأما قوله تعالى : (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) (١) فإن العامل فى «إذا» محذوف ، كقولك : خرجت فإذا زيد ، فبالحضرة زيد ، فيكون «فريقان» بدلا من «هم» ؛ وإن كان متعلقا بالمحذوف ، فيكون الإخبار عن المبدل منه ، وقد قال :
و كأنه لهق السّراة كأنه |
|
ما حاجبيه معيّن بسواد (٢) |
أخبر عن المبدل منه ؛ والإخبار في الآية إذا قدرت قوله «فريقان» بدلا من «هم» كان متعلقا بمحذوف ، كما يكون مع البدل منه فكذلك يجوز أن تجعل قوله «فريقان يختصمون» الخبر عن «هم» ، فإذا قدّرته كذلك أمكن أن تعلق «إذا» بما فى «فريقان» من معنى الفعل ، وإن شئت علّقته بالاختصام ، وقال : يختصمون ، على المعنى. ويجوز أن تجعل «الفريقان» الخبر ونجعل «يختصمون» وصفا ، فإذا قدرته كذلك تعلق «إذا» بما فى «الفريقان» من معنى الفعل ، ولا يجوز أن يتعلق ب «يختصمون» ، لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف / ألا ترى أنه لم يجز : أزيدا أنت رجل تضربه ، إذا جعلت «تضرب» وصفا. «وأجاز المازني : زيدا أنت رجل تكرمه ، على أن يكون «تكرمه» خبرا ثانيا ل «أنت» لا وصفا للنكرة. ويجوز أن تجعل «يختصمون» حالا من «هم» ، وتجعل «فريقين» بدلا ، فالعامل في الحال الظرف ، كقوله : فيها زيد قائما.
وقال في موضع آخر : «يختصمون» وصف أو حال. والحال من أحد الشيئين :
__________________
(١) النمل : ٤٥.
(٢) البيت للأعشى. ولهق السراة : أي أبيض أعلى الظهر. ومعين بسواد : أسفع الخدين.