والثاني : أن يكون نفيا بالعطف على قوله (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) (١) أي : وما كفر سليمان ، وما أنزل على الملكين.
ويقال : إن سحرة اليهود زعموا أن الله تعالى أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان ، فأكذبهم الله بذلك ، فيكون التقدير : وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس ببابل هاروت وماروت ؛ فعلى هذا اختلفوا فيهما على ثلاثة أقوال :
الأول : أن هاروت وماروت رجلان من سحرة أهل بابل تعلما السحر من الشياطين.
الثاني : أنهما شيطانان من مردة الشياطين خصّا بالذكر من بينهم لتمردهما ، والسّحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم ودقة أفهامهم ، لأن أفعال الحيوان مناسبة.
وقيل : إنهما ملكان من الملائكة أهبطهما الله على صورة الإنس لئلا ينفروا منهما.
وقيل : سبب هبوطهما أن الله تعالى أهبطهما ليأمرا بالدين وينهيا عن السحر ، لأن السحر كثر في ذلك الزمان وانتشر.
واختلف من قال بهذا : هل كان للملكين تعليم الناس السحر أم لا؟ على قولين :
أحدهما : أن الملكين كانا يعلمان الناس السحر وينهيان عن فعله ، ليكون النهى عنه بعد العلم به ، لأن ما لا يعلم أنه سحر لا يمكن الاحتراز منه ،
__________________
(١) البقرة : ١٠٢.