ومثله (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١). المعنى : ولأن المساجد لله فلا تدعو.
وكذلك عند الخليل ، (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (٢) كأنه : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش ، أي : ليقابلوا هذه النعمة بالشكر والعبادة للمنع بها فأما قوله : (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) (٣) فى سورة مريم ، فيجوز أن يكون على هذا : فاعبدوه لأنه ربّى وربكم.
ولكن أبا علّى حمله على قوله : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) (٤) بأن الله ربى.
وأما قوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) (٥) فيكون مثل هذا ، والفاء فى قوله «فاتبعوه» مثل الفاء في قوله : بزيد فامرر. والفاء في قوله الثاني عاطفة جملة على جملة ، وعلى القول الأول زيادة.
وقال الفراء فيمن فتح (وَأَنَّ هذا صِراطِي) (٦) : إنه محمول على «الهاء» من قوله: (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) ، (٧) أي : به وبأن هذا.
وهكذا قال أيضا في قوله : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) (٨) : إنه محمول على قوله : (فَآمَنَّا بِهِ) (٩) وبأنه تعالى.
وقد ذكرنا أن عطف الظاهر على المضمر لا يجوز ، وقد جوز فى خمس آيات هذا الوجه ، فهاتان (١٠) ، وقوله : (وَكُفْرٌ بِهِ
__________________
(١) الجن : ١٨.
(٢) قريش : ١.
(٣) مريم : ٣٦.
(٤) مريم : ٣١.
(٥) الأنعام : ١٥٣.
(٦) الأنعام : ١٥٢.
(٧) الجن : ٣.
(٨) الجن : ٢.
(٩) يعني الآيتين السابقتين : آية الأنعام وآية الجن.