وأما قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) (١) ، فقيل : التقدير : ولكل مال جعلنا موالى. [أو : ولكل قوم جعلنا موالى] (٢). والأول الوجه ، لقوله : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) (٣) ، وهو صفة «كل» ، أي : ولكل مال مستقر مما تركه الوالدان ، أي : متروك الوالدين. والظرف وصف ل «كل».
وزعم أبو إسحاق أن «أيّا» فى قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) (٤) و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (٥) و (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) (٦) و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) (٧) : أنّ «أيّا» حذف منها المضاف إليه وعوضت «ها» عما أضيفت إليه.
قال أبو إسحاق : و «ها» لازمة ل «أي» عوض مما حذف منها من الإضافة وزيادة في التنبيه ، و «أي» فى غير النداء لا يكون معها «ها» ، ويحذف معها الذّكر ، نحو : اضرب أيهم أفضل ، أي : أيهم هو أفضل.
ومذهب سيبويه خلاف ما قال ، جعلوا «ها» فيها بمنزلة «يا» ، وأكّدوا ب «ها» التنبيه ، فمن ثم لم يجز لهم أن يسكتوا على «أي» ، ولزمه التفسير. وقوله (وَمِنْ حَيْثُ) (٨) ، أي : من حيث ألزموها ، فصارا كاستئناف نداء.
وقال في موضع آخر : وأما الألف والهاء اللتان لحقتا «أي» توكيدا ، فكأنك كررت «يا» مرتين ، إذا قلت يا ، وصار الاسم بينهما كما صار بين «ذا» و «ها» ، وإذا قلت : ها هو ذا ، فقوله : «ذا» هذا إشارة إلى أن المقصود بالنداء في هذا الكلام هو : الرجل ، كما أن المقصود بالإشارة في قولهم : ها هو ذا : الاسم المبهم دون المضمر ، والمضمر قد اعترض بين حرف
__________________
(١) النساء : ٣٣.
(٢) تكملة من الكشاف يقتضيها السياق.
(٣) البقرة : ٢١ ... ثم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.
(٤) البقرة : ١٠٤ ... ثم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.
(٥) المائدة : ٤١ و ٦٧.
(٦) الجمعة : ٦.
(٧) البقرة : ١٤٩ و ١٥٠.